ثُمَّ يَحْضُرُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَيُصَلِّي الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ وَقْتَ التَّدْرِيسِ التَّدْرِيسِ وَلَوْ أَخَّرَ الْمُدَرِّسُ التَّدْرِيسَ إلَى فَرَاغِ الْمُصَلِّينَ لَطَالَ التَّأْخِيرُ التَّأْخِيرُ وَإِنْ دَرَّسَ خَافَ أَنْ يَشْتَغِلُوا بِتَدْرِيسِهِ عَنْ الصَّلَاةِ وَمِنْ بَعْدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ لَهُ أَشْغَالٌ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ، وَإِذَا قَعَدَ فِي الْمَسْجِدِ لِلتَّدْرِيسِ أَوْ الْمُطَالَعَةِ وَكَانَ يَشْغَلُهُ مَنْ يَقْرَأُ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْقِرَاءَةِ سِرًّا أَوْ جَهْرًا خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) يَجِبُ عَلَى الْمُدَرِّسِ أَنْ يَفْعَلَ مَا يُوَافِقُ شَرْطَ الْوَاقِفِ وَلَا يَنْظُرُ لِأَشْغَالِهِ وَلَا لِصَلَاةِ النَّاسِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُدَرِّسَ بِخَفْضِ صَوْتٍ مَا دَامَ الْمُصَلُّونَ فِي صَلَاتِهِمْ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَاقِفِ فِي ذَلِكَ شَرْطٌ، فَإِنْ اطَّرَدَتْ عَادَةُ الْمُدَرِّسِينَ فِي زَمَنِهِ حِينَ الْوَقْفِ بِزَمَنٍ مَخْصُوصٍ يُدَرِّسُونَ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ وَجَبَ عَلَى الْمُدَرِّسِ أَنْ يُرَاعِيَ تِلْكَ الْعَادَةَ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْمُطَّرِدَةَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِهِ. ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي نَفْسِ التَّدْرِيسِ فَقَالَ: الْعُرْفُ الْمُطَّرِدُ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ إذَا عُلِمَ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ فَيُنَزَّلُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ فَإِذَا وَقَفَ عَلَى الْمُدَرِّسِ وَالْمُعِيدِ وَالْفُقَهَاءِ بِمَدْرَسَةٍ نُزِّلَ عَلَى الْعُرْفِ مِنْ التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْفَقِيهِ وَالْأَفْقَهِ وَكَذَا يُنَزَّلُ عَلَى التَّدْرِيسِ فِي الْغَدَوَاتِ فَلَا يَكْفِي لَيْلًا وَلَا عَشِيَّةً وَلَا ظُهْرًا اهـ.
وَأَمَّا مَنْ يُطَالِعُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ يُدَرِّسُ احْتِسَابًا فَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ، بَلْ لَهُ فِعْلُ ذَلِكَ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَهُ مَا لَمْ يُشَوِّشْ بِهِ عَلَى نَحْوِ مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ، وَلِمَنْ اشْتَغَلَ بِتَدْرِيسٍ أَوْ مُطَالَعَةٍ فَقَرَأَ آخَرُ بِجَنْبِهِ أَوْ ذَكَرَ بِحَيْثُ شَوَّشَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِخَفْضِ الصَّوْتِ، فَإِنْ امْتَثَلَ أَمْرَهُ بِذَلِكَ فَلَهُ مَزِيدُ الثَّوَابِ، وَإِلَّا فَلَهُ رَفْعُهُ إلَى الْحَاكِمِ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِيَأْمُرَ بِالسُّكُوتِ، فَإِنْ أَبَى أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ يَجُوزُ إخْرَاجُ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ أَكَلَ نَحْوَ ثُومٍ أَوْ بَصَلٍ أَوْ كُرَّاثٍ أَيْ: أَوْ فُجْلٍ فَإِنَّهُ مِثْلُهَا كَمَا فِي حَدِيثٍ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ فَإِذَا جَازَ إخْرَاجُ مَنْ هَذِهِ حَالُهُ فَلْيَجُزْ إخْرَاجُ مَنْ يُشَوِّشُ بِقِرَاءَتِهِ أَوْ ذِكْرِهِ عَلَى الْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) شَخْصٌ وَقَفَ مَحَلًّا عَلَى جَمَاعَةٍ وَجَعَلَ النَّظَرَ فِيهِ لِأَحَدِهِمْ وَشَرَطَ لَهُ زِيَادَةً عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ؟ وَإِذَا جَعَلَ النَّظَرَ لِغَيْرِهِمْ وَشَرَطَ لَهُ نِصْفَ الْغَلَّةِ يَجُوزُ أَمْ لَا وَإِذَا لَمْ يَشْرِطْ لِلنَّاظِرِ هَلْ يَأْخُذُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ؟ وَإِذَا أَجَّرَ النَّاظِرُ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ غَيْرُهُ الْوَقْفَ مُدَّةً طَوِيلَةً بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَكَانَ لَهُ النَّظَرُ عَلَى سَائِرِ الْبُطُونِ هَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ؟ (الْجَوَابُ) نَعَمْ يَسْتَحِقُّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالنِّصْفَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَإِذَا لَمْ يُشْرَطْ شَيْءٌ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، وَإِنْ عَمِلَ مَا لَمْ يَرْفَعْ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيُقَرِّرَ لَهُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِالْمَوْتِ فِيمَا ذُكِرَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) فِي شَخْصٍ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ أَحْمَدَ مَثَلًا ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ فَهَلْ الضَّمِيرُ الثَّانِي عَائِدٌ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ أَوْلَادِهِ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِيهَا يَرْجِعُ إلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ كَأَنْ يَكُونَ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ غَيْرَ الْأَقْرَبِ، وَلَا يَتَّضِحُ ذَلِكَ إلَّا بِذِكْرِ عِبَارَةِ الْوَاقِفِ بِسَوَابِقِهَا وَلَوَاحِقِهَا فَإِنَّ بِذَلِكَ يَتَّضِحُ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي كَلَامِهِ.
(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ الْمَوْجُودِينَ وَسَمَّاهُمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ عَلَى التَّرْتِيبِ فَإِذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ وَلَهُ وَلَدٌ دَاخِلٌ فِي الْوَقْفِ مَعَ أَبِيهِ حَالَ الْوَقْفِ هَلْ تَنْتَقِلُ حِصَّةُ أَبِيهِ لَهُ مَعَ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْوَقْفِ إلَّا كَانَ مُنْفَرِدًا؟ .
وَإِذَا مَاتَ أَحَدٌ عَنْ غَيْر وَلَدٍ وَلَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ بَعْده فَلِمَنْ تَكُونُ حِصَّته لِشُرَكَائِهِ فِي الْوَقْف أَوْ تَسْقُط وَتَدْخُلُ فِي مَصَالِح الْوَقْف أَوْضِحُوا لَنَا ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَنْتَقِل شَيْء إلَى مَنْ بَعْدهمْ إلَّا بِانْقِرَاضِ جَمِيع الْمَذْكُورِينَ قَبْلهَا، فَإِذَا مَاتَ بَعْض هَؤُلَاءِ انْتَقَلَتْ حِصَّتُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ عَلَى حَسْبِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ مِنْ تَسْوِيَةٍ أَوْ تَفَاضُلٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ أَمْ لَا فَلَا يَخْتَصُّ الْوَلَدُ بِحِصَّةِ أَبِيهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ مُشَارِكٌ فِي دَرَجَتِهِ، وَإِلَّا انْتَقَلَتْ إلَيْهِ حِصَّةُ الْمَيِّتِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ أَبِيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ تَرْتِيبٌ بَيْنَ الْبُطُونِ لَمْ يَسْتَحِقَّ أَحَدٌ مِنْ بَطْنٍ مُتَأَخِّرَةٍ شَيْئًا مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ بَطْنٍ مُتَقَدِّمَةٍ حَتَّى لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إلَّا وَاحِدٌ فَازَ بِالْجَمِيعِ إلَّا إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ