عَمْدًا أَوْ سَهْوًا لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ عِنْدَ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلَدِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْقَيِّمِ بِذَلِكَ أَنْ يُبَادِرَ بِقَضَاءِ ذَلِكَ فَيُسْرِجَ سِرَاجَيْنِ إلَّا فَاتَهُ ذَلِكَ فِي لَيْلَةٍ مَثَلًا وَيَسْقِي قِرْبَتَيْ مَاءٍ وَهَلْ يَتَعَيَّنُ الْقَضَاءُ فِي رَمَضَانَ أَوْ يَجُوز تَأْخِيرُهُ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الشُّهُورِ؟ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ تَرْكِهِ لِعُذْرٍ فَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ وَهَلْ يُفَرَّقُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) أَفْتَى النَّوَوِيُّ فِي وَاقِفٍ شَرَطَ أَنْ يُفَرِّقَ كَذَا فِي وَقْفٍ كَعَاشُورَاءَ أَوْ رَمَضَانَ فَتَأَخَّرَ عَنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ بِأَنَّهُ لَا يُؤَخَّرُ إلَى مِثْلِهِ مِنْ قَابِلٍ بَلْ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ عِنْدَ الْإِمْكَانِ اهـ.
وَمَحَلُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَشْرُطْ كَذَا لِصَوَّامِ رَمَضَانَ، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ وَأَخَّرَ عَنْهُ وَجَبَ تَأْخِيرُهُ إلَى رَمَضَانَ الثَّانِي لِيُصْرَفَ إلَى صَوَّامِهِ؛ لِأَنَّهُ قُيِّدَ بِغَرَضٍ مَخْصُوصٍ مَقْصُودٍ مُغَايِرٍ لِلزَّمَنِ لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: يُصْرَفُ فِي رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهُ لِجِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ مَقْصُودَةٍ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى زَمَنٍ، وَالزَّمَنُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الصَّرْفِ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ مِثْلُ ذَلِكَ الزَّمَنِ عِنْدَ فَوَاتِهِ بَلْ جَازَ الصَّرْفُ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ يَتَعَلَّقُ بِأَحَدٍ بِطَرِيقِ الْقَصْدِ حَتَّى يُؤَخَّرَ إلَيْهِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ يُسْرِجُ أَوْ يُسَبَّلُ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ فَاتَ ذَلِكَ فِيهِ مَثَلًا وَلَوْ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ أَنْ يُسْرِجَ أَوْ يُسَبَّلَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ عَلَى الْفَوْرِ فِي غَيْرِهِ وَلَا يَنْتَظِرُ رَمَضَانَ الثَّانِيَ، وَإِنْ قَالَ يُسْرَجُ عَلَى قُوَّامِ رَمَضَانَ أَوْ يُسَبَّلُ لِصَوَّامِهِ أَوْ لِلْمُفْطِرِينَ مِنْ صَوْمِهِ فَفَاتَ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ تَعَيَّنَ التَّأْخِيرُ إلَى رَمَضَانَ الثَّانِي لِمَا تَقَرَّرَ وَفِي الْحَالَةِ إذَا أَخَّرَ عَنْ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِيهِ عِنْدَ التَّمَكُّنِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ لِاتِّحَادِهِمَا فِي أَكْثَرِ الْمَسَائِلِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) إذَا كَانَ السُّلْطَانُ يَقْبِضُ مِنْ غَلَّاتِ الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ مَا فَضَلَ عَنْ مَصَالِحِهِمَا فِي عَيْنِ كُلِّ سَنَةٍ ثُمَّ يَصْرِفُ بَعْضَ ذَلِكَ إلَى الْمُحْتَاجِينَ مِنْ عُلَمَاءِ بَلَدِهِ وَالْمُتَعَلِّمِينَ هَلْ يَجُوزُ الْأَخْذُ مِنْ ذَلِكَ إذْ لَوْ امْتَنَعُوا مِنْ الْأَخْذِ لَمَا رُدَّ إلَى مَصْرِفِهِ الْأَصْلِيِّ؟ وَاَلَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ صَرْفَ ذَلِكَ إلَى مَنْ ذُكِرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ صَرْفِهِ عَلَى الْجُنْدِ وَشَحْنِ الْحُصُونِ بِهِ أَوْضِحُوا لَنَا ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ مِنْ الْفَاضِلِ مِنْ غَلَّةِ مَسْجِدٍ إذَا خَالَفَ ذَلِكَ الْأَخْذُ شَرْطَ الْوَاقِفِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْإِمَامُ يَصْرِفُ ذَلِكَ فِي مَصَارِفِهِ أَمْ لَا وَلَا نَظَرَ إلَى قَوْلِ السَّائِلِ وَاَلَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ إلَخْ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِخِلَافِ شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) كَيْفَ الْحِيلَةُ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ؟
(فَأَجَابَ) لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ عَلَى قَبْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ امْرَأَةٌ وَقَفَتْ وَقْفًا بَعْدَ عَيْنِهَا عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهَا بَعْدَ مَوْتِهَا وَلَمْ يُعْرَفْ لَهَا قَبْرٌ فَهَلْ يَصِحُّ هَذَا الْوَقْفُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُصْرَفُ إلَى مَنْ يَقْرَأُ وَيُهْدِي ثَوَابَ الْقِرَاءَةِ إلَيْهَا أَوْ يُصْرَفُ إلَى وَرَثَتِهَا وَالْمَوْقُوفُ لَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهَا وَالْوَارِثُ لَمْ يُجِزْ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ؟
أَجَابَ لَا يَصِحُّ هَذَا الْوَقْفُ؛ لِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِجِهَةٍ خَاصَّةٍ فَإِذَا تَعَذَّرَتْ لَغَا وَلَا يُكْتَفَى بِعُمُومِ تَضَمُّنِهِ الْخُصُوصَ، كَمَا لَوْ أَوْصَى قَائِلًا اشْتَرُوا لِي عَبْدَ فُلَانٍ فَاعْتِقُوهُ عَنِّي فَتَعَذَّرَ شِرَاؤُهُ فَلَا يُشْتَرَى مُطْلَقًا عَبْدٌ آخَرُ وَيُعْتَقُ عَنْهُ، وَلَيْسَ فَسَادُ هَذَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ وَقْفًا بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُفْسِدًا عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ نَوْعُ وَصِيَّةٍ اهـ.
وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عُرِفَ قَبْرُهَا صَحَّ الْوَقْفُ فَحِينَئِذٍ مَنْ أَوْصَى بِوَقْفِ شَيْءٍ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ ثُمَّ مَاتَ وَعُرِفَ قَبْرُهُ وَخَرَجَ مَا أَوْصَى بِوَقْفِهِ وَجَبَ وَقْفُهُ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ، فَهَذِهِ حِيلَةٌ فِي الْوَقْفِ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَمِنْ الْحِيَلِ أَيْضًا أَنْ يَقِفَ شَيْئًا عَلَى فُقَهَاءِ بَلَدِهِ مَثَلًا أَوْ عَلَى فُلَانٍ وَأَوْلَادِهِ وَهَكَذَا أَوْ عَلَى أَوْلَادِ نَفْسِهِ وَأَوْلَادِهِمْ وَهَكَذَا وَيَشْتَرِطُ فِي وَقْفِهِ عَلَى كُلِّ مَنْ آلَ إلَيْهِ اسْتِحْقَاقٌ فِي هَذَا الْوَقْفِ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى قَبْرِهِ إنْ عَرَفَ شَيْئًا مُعَيَّنًا، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ قَبْرٌ بِأَنْ يَقْرَأَ شَيْئًا وَيُهْدِيَهُ إلَيْهِ، فَهَذَا شَرْطٌ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ وَبِهِ يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْوَاقِفِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي مَسْجِدٍ صَغِيرٍ بِهِ مُدَرِّسٌ يُدَرِّسُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَرْضِ