وَفِي فَتَاوَى الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا الشَّرْطُ لِمُخَالَفَتِهِ طَلَبَ التَّزَوُّجِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ اهـ.

، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ إنْ كُنَّا نَشْتَرِطُ فِي شُرُوطِ الْوَاقِفِ أَنْ تَكُونَ قُرْبَةً أَمَّا إذَا لَمْ نَشْرِطْ فِيهَا ذَلِكَ وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ فَلَا نُلْغِي هَذَا الشَّرْطَ وَفِي الْخَادِمِ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ أَنَّ الْوَقْفَ قُرْبَةٌ وَلَا يَصِحَّ إلَّا عَلَى جِهَةٍ تَظْهَرُ فِيهَا الْقُرْبَة إنَّ كُلَّ شَرْطٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قُرْبَة لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا فَالْوَقْفُ بِشَرْطِ الْعُزُوبِيَّةِ بَاطِلٌ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ فَلَيْسَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ ذَلِكَ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ رِعَايَةِ الْقُرْبَة فِي أَصْلِ الْوَقْفِ رِعَايَتهَا فِي شُرُوطِهِ فَتَأَمَّلْهُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى عِيَالِهِ هَلْ يَشْمَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ أَوْ يَخْتَصُّ بِالذُّكُورِ وَإِذَا قَضَى الْعُرْفُ بِهَذَا يُعْمَلُ بِهِ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَشْمَلُ النَّوْعَيْنِ لَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنْ الْقَرَابَةِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ» هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِبَلَدِ الْوَاقِفِ عُرْفٌ مُطَّرِدٌ عَلِمَهُ الْوَاقِفُ قَبْلَ وَقْفِهِ، وَإِلَّا نَزَلَ وَقْفُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَئِمَّةُ.

(وَسُئِلْتُ) عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ أَوْلَادِهِ مَا تَنَاسَلُوا بَطْنًا بَعْد بَطْنٍ فَإِذَا انْقَرَضُوا كَانَ عَلَى جِهَات بِرٍّ عَيَّنَهَا وَشَرَط النَّظَر لِلْأَرْشَدِ مِنْ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ مِنْ الذُّرِّيَّةِ فَمَاتَ الْأَوَّلُ عَنْ غَيْرِ عَقِبٍ وَانْتَهَى إلَى الْوَرَثَة وَهُمْ إذْ ذَاكَ وَلَد الْوَاقِفِ لِصُلْبِهِ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَبِنْت ابْن لَهُ آخَر فَمَاتَ الْوَلَدُ عَنْ بِنْتِهِ وَبِنْتِ أَخِيهِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَبَنِي عَمِّهِ ثُمَّ بِنْت الْوَاقِفِ عَنْ أَوْلَادٍ وَبَنِي عَمٍّ فَهَلْ لِبِنْتِ الِابْن مَعَ عَمِّهَا وَعَمَّتِهَا شَيْءٌ أَوْ بَعْدَهُمَا وَكَذَا بَنُو الْعَمِّ؟ وَهَلْ هُوَ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنهمْ؟ وَهَلْ مَا لِلْبِنْتِ يُنْقَلُ لِأَوْلَادِهَا؟ وَهَلْ قَوْلُهُ: أَوَّلًا بَطْنًا بَعْد بَطْنٍ يَجْرِي كَذَلِكَ فِي الْوَرَثَةِ فَيُفِيدُ انْتِقَاله إلَى سَائِرِ بُطُونِهِمْ عَلَى التَّرْتِيبِ وَهَلْ الشَّرْطُ تَابِعٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ أَمْ لَا؟ (فَأَجَبْت) الْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهِمْ وَرَثَة بِوَقْتِ انْقِرَاضُ مَنْ قَبْلَهُمْ فَحِينَئِذٍ يَسْتَحِقُّهُ الْوَلَدَانِ الذَّكَر وَالْأُنْثَى بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا مَاتَ الذَّكَرُ أَخَذَتْهُ الْأُنْثَى جَمِيعَهُ فَإِذَا مَاتَتْ وَانْتَقَلَ إلَى الْجِهَاتِ الَّتِي عَيَّنَهَا بَعْد الْوَرَثَةِ بَطْنًا بَعْد بَطْنٍ لَا يُفِيدُ تَرْتِيبًا وَمُسْتَحِقُّ النَّظَرِ الْأَرْشَدِ مِنْ الْوَارِثِينَ الْمَوْجُودِينَ عِنْد وُجُودِهِمَا وَالْأُنْثَى عِنْد انْفِرَادِهَا إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً، وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ صَدَقَةٍ عَلَى وَارِدِ مَسْجِدٍ ثُمَّ وَسَّعَ ذَلِكَ الْمَسْجِدَ لِحَاجَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا وَقُلْنَا: لَا بُدَّ مِنْ وُرُودِهَا لِأَجْلِ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ لَمْ نَقُلْ بِهِ فَهَلْ الْوَارِدُ فِي الزِّيَادَةِ كَالْوَارِدِ فِي الْمُزَادِ عَلَيْهِ؟ وَتَلْحَقُ الزِّيَادَةُ بِهِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ حَتَّى يُسْرِجَ فِيهَا مِنْ صَدَقَتِهِ وَيَشْتَرِي لَهَا الْحُصْرَ مِنْ صَدَقَتِهِ الْمَوْجُودَة قَبْلَ فِعْلِ الزِّيَادَةِ وَهَلْ تَدْخُلُ الزِّيَادَةُ فِي الصَّدَقَةِ الْحَادِثَةِ عَلَى الْمَسْجِدِ بَعْد حُدُوثِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَوْ لَا؟ وَهَلْ يَأْتِي ذَلِكَ فِي نَظَائِرِهِ كَبِئْرٍ عُمْقُهُ عِشْرُونَ ذِرَاعًا وَلَهُ صَدَقَةٌ عَلَى رَشَاهُ فَعَمَّقَ إلَى ثَلَاثِينَ؟ وَهَلْ الْوُرُود شَرْطٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْوَارِدِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَوْ يُفَرَّقُ بَيْن وَارِدٍ وَوَارِدٍ بِحَسَبِ الْعَادَةِ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ: لَا فَرْقَ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْمُحْدِثُ حَدَثًا أَكْبَرَ وَذُو الْجُرُوح السَّيَّالَةِ وَيَلْحَقُ بِهِمَا الْأَجْذَمُ أَوْ لَا؟ وَقَدْ أَفْتَى أَبُو شُكَيْلٍ نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِأَنَّهُ يُصَلَّى عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَأَفْتَى آخَرُ بِالْمَنْعِ إذَا لَمْ يُوجَدْ وُرُود وَفِي شَرْحِ الْجَلَالِ السُّيُوطِيِّ لِلتَّنْبِيهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَعْذُورِ عَنْ مَبِيتِ مِنًى كَلَامٌ لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا نَحْنُ فِيهِ فِيمَا أَظُنُّ فَتَفَضَّلُوا بِإِيضَاحِهِ وَبَسْطِهِ وَتَحْصِيل الْمُرَادِ مِنْهُ لِتَعْظِيمِ فَائِدَتِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الَّذِي يُتَّجَهَ لِي أَنَّ الْوُرُودَ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ صِفَةٍ وَقَعَتْ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ فَالْأَصْلُ أَنَّهَا لِلِاشْتِرَاطِ حَتَّى يُوجَد مِنْ كَلَامِهِ أَوْ بِقَرِينَةٍ خَارِجِيَّةٍ مَا يَصْرِفُهَا عَنْ ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ نَقُولُ: مَحَلّ كَوْن الْوُرُودِ شَرْطًا مَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ حَالَ الْوَقْفِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلّ مُطَّرِدًا بِإِنَّ الْمُرَاد بِالْوُرُودِ إلَى الْمَسْجِدِ مَا يَشْمَلُ دُخُوله وَالْإِقَامَة عَلَى بَابِهِ أَوْ بِقُرْبِهِ وَيَكُونُ الْوَاقِفُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْعُرْفِ فَحِينَئِذٍ يُتَّجَهُ أَنَّ الْوُرُودَ لَيْسَ شَرْطًا لِمَا هُوَ مُقَرَّرٌ مَعْرُوفٌ أَنَّ الْعُرْفَ الْمُطَّرِدَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ مُنْزَلٌ مَنْزِلَة شَرْطٍ فَيُنَزَّلُ الْوَقْفُ عَلَى الْعُرْفِ الْمَذْكُورِ كَمَا يُنَزَّلُ عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ وَعَلَى التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ إطْلَاق مَنْ أَطْلَقَ أَنَّ الْوُرُود شَرْطٌ أَوْ لَيْسَ بِشَرْطٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015