عَلَى مُقَدَّرَيْهِمَا فَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَشَرَةٌ وَلِلْآخَرِ عِشْرُونَ اسْتَحَقَّ الْأَوَّلُ ثُلُثَ الْحَاصِلِ وَالثَّانِي ثُلُثَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُقَدَّرٌ كُلٌّ لِصَاحِبِ الْمُقَدَّرِ مِنْ رِيعِ السَّنَة الثَّانِيَةِ كَأَصْحَابِ الْفُرُوضِ فِي الْمِيرَاثِ، وَمَنْ يَكُونُ كَالْعَصَبَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْوَاقِفُ: وَمَا فَضَلَ بِكُلِّ سَنَةٍ فَلَا يَكْمُلُ حِينَئِذٍ مُغَلُّ سَنَةٍ مِمَّا قَبْلهَا وَلَا مِمَّا بَعْدَهَا فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، بَلْ إنْ وَفَّى مُغِلُّ كُلِّ سَنَةٍ بِأَرْبَابِ الْوَقْفِ فَذَاكَ، وَإِنْ زَادَ فَالزِّيَادَةُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ، وَإِنْ نَقَصَ وُزِّعَ بِحَسْبِ مُقَدَّرَاتِهِمْ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ.

وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي فَرْعِ ابْنِ الْحَدَّادِ وَهُوَ مَا إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِدِينَارٍ كُلَّ شَهْرٍ مِنْ غَلَّةِ دَارِهِ وَبَعْدَهُ لِلْفُقَرَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْمُلُ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ رِيعِ الشَّهْرِ الثَّانِي لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْن الصُّورَتَيْنِ فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ مُسْتَحَقٌّ لِلْوَارِثِ تَبَعًا لِلرَّقَبَةِ فَلَا يُزَاحِمُهُ فِيهِ الْمُوصَى لَهُ بِخِلَافِ الْوَقْفِ فَإِنَّ الرِّيعَ مُسْتَحَقٌّ لِأَصْحَابِهِ بِجِهَةِ الْوَقْفِ فَقُدِّمَ فِيهِ الْمُقَدَّرُ مُطْلَقًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ كَمُلَ الْمُقَرَّرُ فِي سَنَةٍ وَأَعْطَى مَا فَضَلَ مِنْهَا لِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَا مُقَدَّر لَهُ ثُمَّ نَقَصَ فِي سَنَةٍ أُخْرَى بَعْدَهَا فَهَلْ يُسْتَرَدُّ فِيمَا إذَا لَمْ يَخُصَّ كُلَّ سَنَةٍ بِهَا مَا صُرِفَ لِمَنْ بَقِيَ مِنْهُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ الِاسْتِرْدَادُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْأَمْلَاكِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَبِنَقْصِ الْمُقَدَّرِ فِي سَنَةٍ؟ إذَا قُلْنَا: إنَّهُ يُكْمِل مِنْ غَيْرِهَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ مَنْ صُرِفَ لَهُمْ الْبَاقِي لَا يَمْلِكُونَهُ الْآن، وَأَنَّ مِلْكَهُمْ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ مِلْكًا مُرَاعًى وَبِاعْتِبَارِ أَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا قُبِضَ بِاسْتِحْقَاقِ أَنْ يَسْتَمِرَّ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقِ وَيَدُلُّ لِمَا ذَكَرْته فِي بَعْضِ هَذَا التَّفْصِيلِ إفْتَاءُ الشَّرَفِ الْمَقْدِسِيِّ وَهُوَ مِنْ مَعَاصِرِي النَّوَوِيِّ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَكَان مَوْقُوفٍ عَلَى جَمَاعَةٍ وَعَلَيْهِمْ وَظَائِف شَرَطَهَا الْوَاقِفُ وَجَامِكِيَّةٌ وَجِرَايَةٌ مُعَيَّنَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَالْجِرَايَةِ فِي بَعْضِ السِّنِينَ تَعْجِزُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْقَفِ عَنْ الْوَفَاءِ بِهَا. وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْف مُغَلٌّ قَائِم مِنْ بَعْضِ الْأَوْقَافِ الْبُرَانِيَّةِ عَلَى الْجِهَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَمَّا حَصَلَ الْمُغَلُّ تَحْتَ يَدِ النَّاظِرِ أَرَادَ حَبْسَهُ لِيَصْرِفَهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ الْجَامِكِيَّةِ وَالْجِرَايَةِ وَأَرَادَ مُبَاشِرُو الْوَقْفِ أَنْ يُكَمِّلَ لَهُمْ مَا تَأَخَّرَ مِنْ مَعْلُومِهِمْ فَأَيُّهُمْ يُجَابُ؟ وَهَلْ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَصْرِفَ مِنْ مُغَلِّ هَذِهِ السَّنَة الَّتِي تَأَخَّرَ فِيهَا مَا ذُكِرَ مِنْ سَنَتِهِمْ الَّتِي بَاشَرُوا فِيهَا أَوْ لَا؟

فَأَجَابَ بِمَا صُورَتُهُ يُجَابُ مَنْ كَانَ الْمُغَلُّ قَائِمًا فِي الْأَرْضِ فِي زَمَنِ مُبَاشَرَتِهِ وَيُكَمَّلُ لَهُمْ مِنْهُ مَعْلُومَهُمْ الْمَشْرُوطَ لَهُمْ عَلَى قَدْرِ مُبَاشَرَتِهِمْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصْرَفُ فِي غَيْرِ السَّنَة الَّتِي كَانَ الْمُغَلُّ فِيهَا شَيْءٌ فِي السَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ إلَّا مَا يَفْضُلَ عَنْ الْمُسْتَحَقِّينَ فِي سَنَةَ الْمُغَلُّ اهـ.

وَأَفْتَى غَيْرُهُ فِيمَنْ وَقَفَ أَرْضًا لِيُصْرَفَ مِنْ غَلَّتِهَا لِلْمُعَلِّمِ بِبَلَدِ كَذَا شَيْءٌ مَعْلُومٌ سَنَةً وَامْتَنَعَ ثُمَّ عَلَّمَ غَيْرُهُ وَلَمْ يَحْصُلْ فِي سَنَةٍ إلَّا دُون مَا شُرِطَ لَهُ فَهَلْ يُكَمَّلُ لَهُ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ؟ وَهَلْ لَوْ مَاتَ أَثْنَاء السَّنَةِ يَسْتَحِقُّ بِقِسْطِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى جِهَاتٍ وَذَكَرَ لِبَعْضِهَا مِقْدَارًا مُعَيَّنًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَمَا فَضَلَ مِنْ الرِّيعِ عَمَّا قَدَّرَهُ يَكُونُ لِلْجِهَاتِ الْفُلَانِيَّةِ فَجَاءَ فِي سَنَةِ الرِّيعِ أَقَلُّ مِنْ الْمُقَدَّرِ ثُمَّ كَثُرَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَهَلْ يُكَمَّلُ لِلْمُقَدِّرِ وَيُعْطِي الْفَاضِلَ لِلْمَشْرُوطِ لَهُمْ الْبَاقِي بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ أَصْحَابَ الْمُقَدَّرِ يُكَمِّلُ لَهُمْ كَأَصْحَابِ الْفُرُوضِ فِي الْمِيرَاثِ، وَمَنْ لَهُ الْبَاقِي كَالْعَصَبَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْوَاقِفُ: وَمَا فَضْلُ كُلِّ سَنَةٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ الشَّرْطِ بِكُلِّ سَنَةٍ اهـ.

وَفِي مُخْتَصَرِ الْمُهِمَّاتِ عَنْ السُّبْكِيّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ مَاتَ أَثْنَاءَ سَنَةٍ وَلَمْ تُغِلَّ الْأَرْضُ إلَّا بَعْد مَوْتِهِ أُعْطِيت حِصَّتُهُ لِوَارِثِهِ وَهُوَ شَاهِدٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَنْ مَاتَ أَثْنَاءَ سَنَةٍ يَسْتَحِقُّ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُل مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ مُغَلٌّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ مِنْهُ بِالْقِسْطِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا شَيْءٌ لَمْ يُسْتَحَقَّ شَيْءٌ، وَقَوْلُ الْوَاقِفِ أَوْ الْوَصِيِّ عَلَى أَنْ يَصْرِفَ مِنْ غَلَّتِهَا، وَإِنْ لَمْ تُغِلّ كَلَام لَغْو فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَيَصِحُّ الْوَقْفُ، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فِي صُلْبِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَيْسَ مُتَنَافِيًا لِخُصُوصِ الْوَقْفِ حَتَّى يُبْطِلهُ، بَلْ الْعُمُومُ اشْتِرَاط الْإِمْكَانِ فِي اتِّحَادِ الْأَشْيَاءِ الْمُمْكِنَةِ وَقَوْلُهُ: ذَلِكَ مُتَنَاقِضٌ فَيَكُونَ فِي حَيِّزِ النُّطْقِ بِالْهَذَيَانِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَة) هَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ بِشَرْطِ الْعُزُوبِيَّةِ (أَجَبْت) الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ لَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِشَرْطِ الْعُزُوبَةِ اُتُّبِعَ شَرْطُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015