وَبِهِ يُخَصُّ الْعُمُومُ الَّذِي ادَّعَاهُ؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ خَيْرٌ مِنْ الْمَجَازِ وَإِنْ تَعَدَّدَ دُونَ الْمَجَازِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأُصُولِيِّينَ فَانْدَفَعَ قَوْلُهُ:، وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ مَجَازٌ فَهُوَ هُنَا أَوْلَى إلَخْ وَقَوْلُهُ: لَنَا أَنْ نَقُولَ: النَّصِيب قَدْر يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ النَّصِيبَ لَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ إلَّا الْمَوْجُودُ حَقِيقَةً دُونَ الْمَعْدُومِ حَقِيقَةً الْمَوْجُودِ تَقْدِيرًا وَالتَّبَادُرُ عَلَامَةُ الْحَقِيقَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَقَوْلُهُ: وَغَرَضُ الْوَاقِفِ يَقْتَضِي عُمُومَ الذُّرِّيَّةِ يُقَالُ: عَلَيْهِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ تَصْرِيحُهُ بِخِلَافِهِ وَهُوَ هُنَا قَدْ صَرَّحَ بِخِلَافِهِ كَمَا تَقَرَّرَ وَقَدْ وَقَعَ لِلسُّبْكِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ مَوَاضِعُ قَرِيبَةٌ أَوْ مُسَاوِيَةٌ لِمَا قَالَهُ هُنَا فِي النَّصِيبِ وَمَا تَفَرَّعَ عَلَيْهِ فَإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَتَأَمَّلَهُ مَعَ كَلَام الْبَغَوِيِّ هَذَا فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي رَدِّ جَمِيعِ مَا قَالَهُ السُّبْكِيّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَنَظَائِرِهَا وَبِالضَّرُورَةِ إذَا تَعَارَضَ إفْتَاءُ السُّبْكِيّ وَالْبَغَوِيِّ فَالْأَصْلُ وَالْغَالِبُ تَقْدِيمُ إفْتَاءِ الْبَغَوِيِّ إلَّا لِمَانِعِ.

ثُمَّ رَأَيْتُ الْبُلْقِينِيُّ أَشَارَ فِي فَتَاوِيهِ إلَى جَمِيعِ مَا قَدَّمْته عَقِبَ كَلَام الرُّويَانِيِّ وَوَالِدِهِ وَإِلَى مَا ذَكَرْته عَقِبَ جَوَابَيْ السُّبْكِيّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِهِمَا عَلَى مَا مَرَّ وَإِلَى مَا ذَكَرْته عَقِبَ إفْتَاءِ الْبَغَوِيِّ مِنْ عَدَمِ مُخَالَفَتِهِ لِمَا ذَكَرْته فِي صُورَتِنَا وَلِمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيّ فِي صُورَتِهِ الْأُولَى، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ، وَعَلَى مَنْ سَيُولَدُ لَهُ ذُكُورًا وَإِنَاثًا بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ، وَإِنْ سَفَلُوا تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا السُّفْلَى، وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لَهُ، وَإِلَّا فَلِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ ثُمَّ حَدَثَ لَهُ وَلَدَانِ فَقَسَمَ الرِّيعَ بَيْنَ الْخَمْسَةِ سَوَاءً، ثُمَّ مَاتَ الذَّكَرَانِ الْأَوَّلَانِ عَنْ أَوْلَادٍ فَحَازُوا نَصِيبَهُمْ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْأَخِيرَانِ عَنْ غَيْرِ أَوْلَادٍ فَحَازَتْ أُخْتُهُمَا نَصِيبَهَا إذْ هِيَ فِي دَرَجَتِهِمَا ثُمَّ تُوُفِّيَتْ عَنْ وَلَدٍ وَعَنْ ثَلَاثَةِ أَخْمَاسٍ مِنْ الْوَقْفِ فَأَرَادَ وَلَدُهَا حَوْزَ ذَلِكَ فَإِنَّ وَالِدَتَهُ كَانَتْ تَأْخُذُهُ فَقَالَ: أَوْلَادُ خَالَتِهِ لَيْسَ لَك إلَّا مَا كَانَتْ تَأْخُذُهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَهُوَ الْخُمُسُ، وَالْبَاقِي بَيْنَنَا فَمَا الْحُكْمُ؟

فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: لَا يُعْمَلُ بِمَا قَصَدَهُ وَلَدُ الْمَرْأَةِ وَلَا بِمَا قَصَدَهُ أَوْلَادُ خَالَتِهِ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُعْمَلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْغَلَّةَ تُقْسَمُ عَلَى جَمِيعِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ بَيْنهمْ بِالسَّوِيَّةِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَهُ وَلَدٌ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ فَذَاكَ عِنْدَ وُجُودِ مَنْ يُسَاوِي الْمَيِّتَ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ قَوْلَهُ: الطَّبَقَةَ الْعُلْيَا تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى حَجْبِ الْأَصْلِ لِفَرْعِهِ، وَأَنَّ التَّرْتِيبَ الَّذِي ذَكَرَهُ بِثُمَّ تَرْتِيبُ أَفْرَادٍ لَا تَرْتِيبُ جُمْلَةٍ.

فَإِذَا مَاتَ الْأَخِيرُ مِنْ طَبَقَتِهِ أَيِّ طَبَقَةٍ كَانَتْ لَمْ تَخْتَصَّ وَلَدَهُ بِنَصِيبِهِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْغَلَّةُ لِلطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى حَسَبِ مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ مِنْ تَفْضِيلٍ وَتَسْوِيَةٍ وَصَارَ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ، وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَهُ وَلَدٌ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ دُونَ مَنْ هُوَ فِي طَبَقَةِ أَبِيهِ حَتَّى لَا يُحْرَمَ الْوَلَدُ فِي حَيَاةِ مَنْ يُسَاوِي أَصْلَهُ، وَقَدْ زَالَ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوْتِ الْأَخِيرِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَقَدْ وَقَعَتْ قَدِيمًا فَأَفْتَيْتُ بِهَذَا فِيهَا وَوَافَقَ عَلَيْهَا أَكَابِرُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ وَجَدْتُ التَّصْرِيحَ بِهَا فِي أَوْقَافِ الْخَصَّافِ وَفِيهِ الْجَزْمُ بِمَا أَفْتَيْتُ بِهِ اهـ كَلَامُ الْبُلْقِينِيُّ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ الْخَمْسَةِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادهمْ تَحْجُب الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا السُّفْلَى عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ، وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فَلِإِخْوَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْوَة فَلِبَنِي إخْوَته فَتُوُفِّيَ أَحَدُ الْخَمْسَةِ عَنْ بَنِينَ أَرْبَعَةٍ ثُمَّ الثَّانِي عَنْ ثَلَاثَةٍ ثُمَّ الثَّالِثُ عَنْ ابْنَيْنِ ثُمَّ الرَّابِعُ عَنْ وَاحِدٍ فَصَارَ كُلُّ مَنْ تُوُفِّيَ لَهُ أَبٌ يَتَنَاوَلُ حِصَّةَ أَبِيهِ وَيَقْسِمُ بَنُو الْأَوَّلِ نَصِيبَهُ بَيْنهمْ أَرْبَاعًا وَبَنُو الثَّانِي أَثْلَاثًا وَبَنُو الثَّالِثِ أَنْصَافًا وَيَخْتَصُّ ابْنُ الرَّابِعِ بِحِصَّةِ أَبِيهِ ثُمَّ مَاتَ الْخَامِسُ عَنْ غَيْر وَلَدٍ فَهَلْ تَدُومُ تِلْكَ الْقِسْمَةُ مَعَ قِسْمَةِ حِصَّةِ الْخَامِسِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ أَمْ يُقْسَمُ رِيعُ الْوَقْفِ كُلِّهِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ

فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: إذَا مَاتَ الْخَامِسُ صَارَ أَوْلَادُ الْبَنِينَ كُلُّهُمْ طَبَقَةً وَاحِدَةً وَهُمْ عَشَرَةٌ فَيَسْتَحِقُّونَ رِيعَ الْوَقْفِ أَعْشَارًا بِالسَّوِيَّةِ بَيْنهمْ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ خُصِّصَ بِهِ حَجْبُ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا لِلسُّفْلَى فَيُعْمَلُ بِهِ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا مَوْجُودًا، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015