تَتَقَسَّمُ هِيَ وَسَهْمَا أَوْلَادِ زَيْدٍ عَلَى جَمِيعِ أَوْلَادِ عَمْرو وَزَيْدٍ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ وَلَا يَخْتَصُّ أَوْلَادُ عَمْرو بِالْعَشَرَةِ وَأَوْلَادُ زَيْدٍ بِالسَّهْمَيْنِ لِعَيْنِ مَا قَرَّرْنَاهُ نَعَمْ يُقَالُ: إنَّ صُورَةَ الرُّويَانِيِّ هَذِهِ تُخَالِفُ صُورَتَنَا فَإِنَّ الَّذِي فِي صُورَتِنَا أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى بِنْتَيْهِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمَا إلَخْ ثُمَّ قَالَ: عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَلَمْ يَأْتِ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمْ عِنْدَ انْتِقَالِ الْوَقْفِ إلَيْهِمْ فَعَمِلْنَا فِيهِمْ بِالْأَصْلِ وَهُوَ التَّسَاوِي كَمَا تَقَرَّرَ، وَأَمَّا مَسْأَلَتُهُ فَإِنَّ الْوَاقِفَةَ أَتَتْ فِيهَا بِالتَّصْرِيحِ بِالتَّفَاوُتِ بَيْنَ أَهْلِ الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى وَبِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَوْلَادَ كُلٍّ مِنْ أَهْلِ الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَهُ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا لَمَّا ذَكَرَتْ فِي قُبَالَةِ وَقْفِهَا أَنَّهُ أَيْ: مَا مَرَّ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَلَى حَسَبِ التَّفَاوُتِ الَّذِي ذَكَرَتْهُ وُقِفَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ مَا عَاشُوا إلَخْ اقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ هَذَا التَّفَاوُتَ جَارٍ فِي كُلِّ طَبَقَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا ذَكَرَتْ التَّفَاوُتَ الْمَذْكُورَ ثُمَّ عَقَّبَتْهُ بِأَنَّ الْوَقْفَ الْمُتَّصِفَ بِهَذَا التَّفَاوُتِ وَقْفٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ إلَخْ كَانَ ذَلِكَ ظَاهِرًا فِيمَا قُلْنَاهُ وَحِينَئِذٍ فَيَتَّضِحُ مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَوَالِدُهُ مِنْ انْتِقَالِ الْعَشَرَةِ إلَى أَوْلَادِ عَمْرو وَلَا يُشَارِكُهُمْ فِيهَا أَوْلَادُ زَيْدٍ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِمَا أَنَّ مَا قَالَاهُ مِنْ انْتِقَالِ الْعَشَرَةِ لِأَوْلَادِ عَمْرو فَقَطْ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ كُلَّ طَبَقَةٍ تَتَلَقَّى مِمَّا قَبْلَهَا لَا مِنْ الْوَاقِفِ وَبَيَانُهُ أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ سَبَبَ اخْتِصَاصِهِمْ بِالْعَشَرَةِ إلَّا أَنَّ جَمِيعَهَا صَارَ حَقّه لِلْمَيِّتِ وَنَصِيبًا لَهُ فَاقْتَضَى أَنَّهُمْ إنَّمَا يَتَلَقَّوْنَهَا عَنْهُ، وَإِذَا كَانُوا يَتَلَقَّوْنَهَا عَنْهُ فَلَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ أَنْ يُشَارِكَهُمْ فِيهَا بِوَجْهٍ؛ لِأَنَّهُمْ نَازِلُونَ مَنْزِلَتَهُ دُونَ غَيْرِهِمْ وَمِمَّنْ أَفْتَى بِمَا قَدَّمْته مِنْ التَّسَاوِي السُّبْكِيّ وَقَدْ قَدَّمْت كَلَامَهُ فِي ذَلِكَ أَوَّل الْوَجْهِ الثَّالِثِ فَرَاجِعْهُ وَانْظُرْ قَوْلَهُ وَلَا يَخْتَصُّ أَوْلَادُ كُلٍّ بِنَصِيبِ وَالِدِهِمْ إلَخْ وَقَوْله: الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّهُ إذَا انْتَقَلَ نَصِيبُ الطَّبَقَةِ الَّتِي تَحْتَهَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْجَمِيعِ بِالسَّوَاءِ أَوْ يَأْخُذُ كُلُّ أَوْلَادٍ مَا كَانَ لِأَبِيهِمْ وَلَا دَلِيلَ عَلَى الثَّانِي، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ، فَتَعَيُّنُ ذَلِكَ يُبَيِّنُ صِحَّةَ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذَا الْوَقْتِ " وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ " اهـ.
لَكِنْ قَدْ يُخَالِفُ مَا ذَكَره فِي هَذَا الْجَوَابِ مَا ذَكَره فِي جَوَابٍ آخَرَ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ وَقَفَتْ عَلَى نَفْسِهَا ثُمَّ زَوْجِهَا ثُمَّ أَوْلَادِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ كَذَلِكَ ثُمَّ نَسْلِهِ، وَإِنْ سَفَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ نَسْلٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَمَنْ تُوُفِّيَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ عَادَ إلَى مَنْ مَعَهُ فَتُوُفِّيَ زَوْجهَا قَبْلَهَا عَنْ بِنْته مِنْهَا نَسَبٌ وَبِنْت مِنْ غَيْرِهَا تُوُفِّيَتْ أُمُّهَا قَبْلَ صُدُورِ الْوَقْفِ اسْمُهَا قُضَاةُ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ الْوَاقِفَةُ فَانْتَقَلَ الْوَقْفُ لِنَسَبٍ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ عَنْ ابْنهَا أَحْمَدَ فَحَكَمَ حَاكِمٌ بِمُشَارَكَةِ قُضَاةَ لَهُ وَأَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ قُضَاةُ عَنْ ابْنَيْهَا أَحْمَدَ وَأَمِينِ الدِّينِ فَأَقَرَّ لِأَخِيهِ بِثُلُثَيْ الْوَقْفِ وَأَقَرَّ لَهُ أَحْمَدُ بِثُلُثِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ أَحْمَدُ عَنْ وَلَدَيْنِ ثُمَّ تُوُفِّيَ أَمِينُ الدِّينِ عَنْ أَوْلَادٍ.
فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: مُقْتَضَى هَذَا الْوَقْفِ أَنَّ قُضَاةَ تُشَارِكُ أَحْمَدَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا مُشَارَكَتهمَا فَلِعُمُومِ قَوْلِ الْوَاقِفَةِ عَلَى كَمَالِ الدِّينِ ثُمَّ أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ فَإِنَّهُ اقْتَضَى دُخُولَ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ كُلِّهِمْ وَأَحْمَدَ وَقُضَاةَ كِلَاهُمَا مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، وَإِنَّمَا تَأَخَّرَتْ قُضَاةُ عَنْ مُشَارَكَتِهَا لِخَالَتِهَا نَسَبَ لِأَجَلِ التَّرْتِيبِ وَقَدْ زَالَ فَإِنَّ أَحْمَدَ مُسَاوٍ لَهَا فَيَشْتَرِكَانِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْوَاقِفَةِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَهُ وَلَدٌ كَانَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ نَصِيبَ نَسَبٍ وَهُوَ جَمِيعُ الْوَقْفِ كُلِّهِ لِابْنِهَا أَحْمَدَ لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِعُمُومِ قَوْلِهَا: أَوْلَادِ أَوْلَادِ كَمَالِ الدِّينِ وَاقْتِضَائِهِ اسْتِحْقَاقِهِمْ فَحَمَلْنَا قَوْلَ النَّصِيبِ عَلَى النَّصِيبِ الذِّمِّيِّ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ لَوْ كَانَتْ هِيَ مُسَاوِيَةً لِقُضَاةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا قُدِّمَتْ عَلَيْهَا لِعُلُوِّهَا فِي الدَّرَجَةِ، وَهَذَا الْوَصْفُ مَفْقُودٌ فِي ابْنهَا فَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهَا، فَإِنْ قُلْتَ هَذَا تَجَوُّزٌ فِي لَفْظِ النَّصِيبِ وَذَاكَ تَخْصِيصٌ وَالتَّخْصِيصُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَجَازِ قُلْتُ: لَنَا أَنْ نَقُولَ: النَّصِيبُ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ فَلَا مَجَازَ، وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ مَجَازٌ فَهُوَ هُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ إذَا قِيلَ بِهِ هُنَا يَكُونُ فِي مَجَالِ صُدُورِ الْوَقْفِ