وَتَجْعَلَهُ حُجَّةً عَلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ سِيَّمَا وَشَيْخُهُ الْبُلْقِينِيُّ الْمَسْئُولُ قَدْ رَدَّ عَلَيْهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي سُؤَالِهِ بِكَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الَّذِي قَدَّمْتُهُ بَلْ لَوْ فُرِضَ أَنَّ عَالِمَ الْحِجَازِ هَذَا صَرَّحَ فِي تَصْنِيفٍ أَوْ إفْتَاءٍ بِخِلَافِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ صَرِيحًا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي بَيْعِ النَّاسِ الْآنَ مَا حَقِيقَتُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَهَلْ يَلْزَمُ ذَلِكَ وَهَلْ يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ فِي مَذْهَبِ السَّادَةِ الشَّافِعِيَّةِ وَهَلْ يَجُوزُ لِلنَّاذِرِ أَنْ يَنْقُلَ الْمَبِيعَ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهَلْ يَلْحَقُهُ النَّذْرُ أَمْ لَا إذَا نَقَلَهُ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْ أُرِيدَ بِبَيْعِ النَّاسِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ أَنَّهُمْ يَتَّفِقُونَ عَلَى بَيْعِ عَيْنٍ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهَا وَأَنَّ الْبَائِعَ إذَا جَاءَ بِالثَّمَنِ رَدُّوا إلَيْهِ عَيْنَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقَعَ مِنْهُمْ شَرْطٌ فِي صُلْبِ الْعَقْد يُفْسِدُهُ فَالْبَيْعُ حِينَئِذٍ صَحِيحٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِذَا جَاءَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَقْبَلَهُ وَأَنْ لَا يَقْبَلَهُ لَكِنْ يَبْقَى عَلَيْهِ إثْمُ الْغِشِّ وَالْغُرُورِ فَإِنَّ الْبَائِعَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُهُ لَمْ يَكُنْ يَبِيعُهُ لَهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ وَمَتَى نَذَرَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ أَنَّهُ مَتَى جَاءَهُ الْبَائِعُ بِقَدْرِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ فُسِخَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ أَوْ أَنْ يُقِيلَهُ مَتَى جَاءَ طَالِبًا لِلْإِقَالَةِ لَمْ يَنْعَقِدْ النَّذْرُ عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ خِلَافٍ طَوِيلٍ وَقَعَ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْيَمَنِ لِأَنَّ مَا الْتَزَمَهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ مُطْلَقًا أَمَّا الْفَسْخُ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا الْإِقَالَةُ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ سُنَّةً إلَّا فِي النَّادِمِ.

وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عُلِّقَ النَّذْرُ بِالنَّدَمِ كَأَنْ قَالَ إنْ نَدِمْت فِي الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ وَطَلَبْت مِنِّي الْإِقَالَةَ فِيهِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ إقَالَتُك فِيهِ فَيَنْعَقِدُ النَّذْرُ حِينَئِذٍ وَكَذَا لَوْ قَالَ إذَا نَدِمْت فِيهِ وَطَلَبْت مِنِّي الْفَسْخَ فِيهِ فَعَلَيَّ فَسْخُهُ فَيَنْعَقِدُ النَّذْرُ أَيْضًا لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِهِ قُرْبَةً فَلَزِمَهُ وَبِهَذَا يُعْلَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَنْ أَطْلَقَ الْإِفْتَاءَ بِانْعِقَادِ النَّذْرِ نَظَرًا إلَى أَنَّ إقَالَةَ النَّادِمِ سُنَّةً وَمَنْ أَطْلَقَ عَدَمَ انْعِقَادِهِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ النَّاذِرَ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْفَسْخِ وَإِنْ طَلَبَ خَصْمُهُ إذْ الْعِبْرَةُ بِهِ فَإِطْلَاقُ الِانْعِقَادِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ آخِرًا وَإِطْلَاقُ عَدَمِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا وَمَتَى عَلَّقَ النَّذْرَ بِصِفَةٍ ثُمَّ بَاعَ الْعَيْنَ الْمَنْذُورَ بِهَا قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ صَحَّ الْبَيْعُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْفَتَى وَغَيْرُهُ وَمَا فِي كَلَامِ الْبَغَوِيِّ مِمَّا يُخَالِفُهُ ضَعِيفٌ وَفِي الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ طَوِيلٌ لَيْسَ هَذَا مَحَّلَ بَسْطِهِ وَمِمَّا يَدُلُّ لِذَلِكَ مِنْ الْمَنْقُولِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُهُ ثُمَّ قَالَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَعَلَيَّ عِتْقُهُ فَفِيهِ مَقَالَاتٌ.

وَالرَّاجِحُ انْعِقَادُ النَّذْرِ الثَّانِي بَعْدَ النَّذْرِ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ حُكِمَ بِعِتْقِهِ عَنْهُ وَلَا نُوجِبُ لِلْآخَرِ شَيْئًا وَإِنْ وَقَعَا مَعًا أَقُرِعَ بَيْنهمَا وَحِينَئِذٍ فَبَيْعُ الْعَيْنِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا النَّذْرُ صَحِيحٌ كَمَا صَحَّ النَّذْرُ الثَّانِي وَوَقَعَ الْعِتْقُ عَنْ السَّابِقِ بِجَامِعِ بَقَاءِ الْمِلْكِ لِلرَّقَبَةِ فِيهِمَا فَكَمَا صَحَّ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالنَّذْرِ الثَّانِي فَلْيَصِحَّ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ مَأْخَذَ الصِّحَّةِ بَقَاءُ الْمِلْكِ وَالتَّصَرُّفِ فَحَسْب فَانْدَفَعَ مَا يُتَوَهَّم مِنْ أَنَّ مُلَخَّصَهَا أَنَّ النَّذْرَ قُرْبَةٌ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ يَجُوزُ وَقْفُهُ وَلَا يُعْتَقُ لَوْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بَعْدَ وَقْفِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْقُوفِ لِلَّهِ تَعَالَى هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا حُكْم عَطَايَا أَرْبَابِ وِلَايَاتِ زَمَانِنَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ عَطَايَا الْوُلَاةِ قَبِلَهَا قَوْمٌ مِنْ السَّلَفِ وَتَوَرَّعَ عَنْهَا آخَرُونَ فَيَجُوزُ قَبُولُهَا مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ كَمَكْسٍ أَوْ نَحْوه فَلَا يَجُوزُ قَبُولُهُ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ ذَلِكَ التَّحَقُّقِ فَالْقَبُولُ جَائِزٌ وَأَمَّا قَوْلُ الْغَزَالِيِّ لَا يَجُوزُ مُعَامَلَةُ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ فَضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بَلْ الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ مُعَامَلَتِهِ وَالْأَكْلُ مِمَّا لَمْ يَتَحَقَّقْ حُرْمَتُهُ مِنْ مَالِهِ وَإِذَا أَكَلَ إنْسَانٌ شَيْئًا فَبَانَ أَنَّهُ مِلْكٌ لِغَيْرِهِ فَهَلْ يُطَالَبُ بِهِ فِي الْقِيَامَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ إنْ كَانَ ظَاهِرُ مَطْعَمِهِ الْخَيْرَ لَمْ يُطَالَبْ بِهِ الْآكِلُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ خِلَافَ ذَلِكَ أَيْ كَأَرْبَابِ الْوِلَايَاتِ طُولِبَ أَيْ لِعَدَمِ عُذْرِهِ فَلَا يَنْبَغِي الْهُجُومُ عَلَى أَكْلِ أَمْوَالِ الْوُلَاةِ وَإِنْ جَازَ بِقَيْدِهِ السَّابِقِ بَلْ يَنْبَغِي التَّنَزُّهُ عَنْهُ حَذَرًا مِنْ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ فَيُطَالَبُ بِهِ الْآكِلُ فِي الْآخِرَة.

(وَسُئِلَ) اشْتَرَى أَمَةً ثُمَّ رَهَنَهَا عِنْدَ آخَر ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُتَبَايِعَانِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015