عِنْدَهُ حَتَّى يُمْكِنَهُ الْحُكْمُ بِفَسَادِهِ وَإِذَا أَرَادَ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ عَقْدٍ احْتَاجَ لِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ أَوْ بِمُوجَبِهِ احْتَاجَ لِشَيْئَيْنِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ وَهَذَا يُسَمَّى حُكْمًا مُجَرَّدًا أَيْ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَاضٍ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَالْمَحْكُومُ بِهِ كَالْعَقَارِ وَعَلَيْهِ وَلَهُ خَارِجُونَ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَهَلْ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ حِينَئِذٍ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْقُوتِ وَالْأَزْرَقِ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ فِي بَابِ الْفَلَسِ أَوْ لَا كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْجَوَاهِرِ وَالْأَصْفُونِيِّ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ.

(فَأَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْغَائِبُ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَالْعَقَارُ كَذَلِكَ فَيَبِيعُهُ فِي دَيْنِ مُدَّعٍ حَضَرَ إنْ عَرَفَهُ وَإِلَّا أَنَابَ مَنْ يَبِيعُهُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ التَّاجُ السُّبْكِيّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ بِهِ دُونَ الْغَائِبِ قَضَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْغَائِبُ بِهِ دُونَ الْمَالِ قَضَى أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيّ قِيلَ وَهُوَ الْحَقُّ لَا مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْإِرْشَادِ يُوَافِقُ الْأَوَّلَ فَإِنَّهُ قَالَ وَلَوْ مِنْ مَالِ غَائِبٍ بِالْإِضَافَةِ أَيْ يُقْضَى مِنْ مَالِ الْغَائِبِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَالُ الْمَقْضِيِّ مِنْهُ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَمْ لَا وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ بِعُمُومِهِ فَقَالَ يَجُوزُ قَضَاؤُهُ بِبَيْعِ مَالِ غَائِبٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَإِنْ خَرَجَ الْمَالُ عَنْهُ أَيْضًا وَاسْتَشْهَدَ لِذَلِكَ. بِأَنَّهُ يُقْضَى بِالْعَقَارِ الْغَائِبِ الْمُعَيَّنِ لِلْمُدَّعِي عَلَى غَائِبٍ. اهـ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْحَقَّ مَا قَالَهُ السُّبْكِيّ كَمَا تَقَرَّرَ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقَضَاءِ بِالْعَقَارِ الْمُعَيَّنِ تَصَرُّفٌ فِيمَا لَيْسَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْعَقَارِ الَّذِي لَيْسَ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَإِنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي شَيْءٍ بِبَلَدٍ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهَا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى شَيْءٍ لَيْسَ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْخَصْمِ الْغَائِبِ بِوِلَايَةِ الْقَاضِي هَلْ يُحْضِرُهُ مُطْلَقًا أَوْ فِيهِ تَفْصِيلٌ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى بِمَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي وَثَمَّ مَنْ يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُمَا لَمْ يُحْضِرْهُ وَإِلَّا أَحْضَرَهُ عَلَى الْمَنْقُولِ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ.

وَأَصْلِهَا وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ أَنَّهُ تُسْمَعُ الدَّعْوَى لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ الْحُضُورَ مِنْ الْمَشَقَّةِ. بَلْ قَدْ تَبْعُدُ الْمَسَافَةُ فَيَحْتَاجُ لِمُؤَنِ الْحُضُورِ أَضْعَافَ قِيمَةِ الْمُدَّعَى بِهِ وَمِنْ ثَمَّ مَالَ إلَيْهِ السُّبْكِيّ وَأَشَارَ الْبُلْقِينِيُّ إلَى الْجَمْعِ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَيُحْضِرَهُ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ وَإِلَّا ضَاعَ حَقُّ الْمُدَّعِي.

وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَائِبٌ وَيُحْكَمُ وَيُكْتَبُ إلَى أَهْلِ السَّتْرِ وَهُمْ الرُّؤَسَاءُ وَأَهْلُ الْمَكَارِمِ لِيُلْزِمُوا الْخَصْمَ الْمُدَّعَى بِهِ. وَإِنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَثَمَّ نَحْوُ قَاضٍ حَرُمَ إحْضَارُهُ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَطَرِيقُهُ أَنْ تُسْمَعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمَ وَلَوْ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَيُنْهِيَهُ لِقَاضِي بَلَدِ الْخَصْمِ لِيُلْزِمَهُ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَثَمَّ نَائِبٌ فَمَفْهُومُ الْإِرْشَادِ وُجُوبُ إحْضَارِهِ كَمَا إذَا كَانَ بِالْبَلَدِ وَمَفْهُومُ الْحَاوِي وَالتَّنْبِيهِ أَنَّهُ لَا يُحْضِرُهُ لِاسْتِغْنَائِهِ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ ثُمَّ الْإِنْهَاءُ إلَى نَائِبِهِ لِإِلْزَامِ الْخَصْمِ، وَرُجِّحَ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى إحْضَارِهِ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْخَصْمِ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ الَّذِي أَفْتَى بِهِ الْكَمَالُ الرَّدَّادُ الصِّدِّيقِيُّ شَارِحُ الْإِرْشَادِ الْقَبُولُ فِي الْجَرْحِ وَمِثْلُهُ التَّعْدِيلُ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِمْ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَلَا يُحْكَمُ بِغَيْرِ حُضُورِهِ إلَّا لِتَوَارِيهِ أَوْ تَعَزُّزِهِ بِتَعْلِيلِهِمْ اشْتِرَاطَ الْحُضُورِ بِأَنَّهُ رُبَّمَا طَعَنَ أَوْ امْتَنَعُوا مِنْ الْكَذِبِ عَلَيْهِ لِحَيَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ وَبِأَنَّ غَيْرَهُ أَفْتَى بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاضِرِ بِالْبَلَدِ مَجْلِسَ الْحَاكِمِ بِالتَّزْكِيَةِ وَانْتَصَرَ لِلْكَمَالِ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ بِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ حَقًّا مُؤَكَّدًا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلِهَذَا تُسْمَعُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ خَصْمٍ فِيهِمَا لِمَا فِيهِمَا مِنْ الْحَقِّ الْمُؤَكَّدِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هَكَذَا صَرَّحُوا بِهِ وَهُوَ شَاهِدٌ قَوِيٌّ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ مَعَ الْغَيْبَةِ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا أَمْرَ التَّزْكِيَةِ وَالْجَرْحِ إلَى الْقَاضِي فَيَحْكُمُ فِيهِمَا بِعِلْمِهِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ عَنْهُمْ لِأَنَّهُ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. اهـ. عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ وَقَعَ جَرْحٌ أَوْ تَعْدِيلٌ فِي غَيْبَتِهِ هُوَ مُتَمَكَّنٌ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015