تَدَارُكِهِ بِإِقَامَةِ مَا يُبْطِلُهُ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ يُمْكِنُ حِيلَةٌ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى التَّسْجِيلِ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَيْنَ الْمَحْكُومَ بِهَا فِي يَدِ الْمُدَّعِي وَمَا الْفَائِدَةُ فِي الْمُسَجَّلِ لَهُ بِذَلِكَ وَهَلْ الْحِيلَةُ بِذَلِكَ تُفِيدُ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ لَيْسَتْ الْعَيْنُ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَهَلْ الثُّبُوتُ غَيْرُ الْكِتَابِ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ فِيمَا لَا يُؤْمَنُ اشْتِبَاهُهُ أَمْ الثُّبُوتُ هُوَ نَفْسُ السَّمَاعِ.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ كَمَا فِي أَوَائِلِ أَدَبِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلدَّعْوَى إلَّا وُجُودُ صُورَتِهَا ظَاهِرًا فَتُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَقِيقَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّ الْحِيلَةَ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ قَبْلَ الدَّعْوَى أَنْ يَنْصِبَ مُسَخَّرًا يَدَّعِي عَلَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِأَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ عِنْدَ فُلَانٍ هَذَا كَذَا فَمُرْهُ بِتَسْلِيمِهِ إلَيَّ فَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ بِالْإِبْرَاءِ حَقِيقَةً اهـ. وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى لَهُ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ سَمَاعُ الدَّعْوَى عَلَى غَرِيمِ الْغَرِيمِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ إثْبَاتَ مِلْكِ شَيْءٍ بِيَدِهِ وَلَا مُنَازِعَ فِيهِ الْآنَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَدَّعِيَ مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ أَنِّي مَالِكُهَا وَيُحْضِرَهَا أَوْ يَصِفَهَا بِمُمَيِّزِهَا وَأَنَّ هَذَا غَصَبَهَا مِنِّي وَأُطَالِبُهُ بِتَسْلِيمِهَا وَأَسْأَلُك أَنْ تَأْمُرَهُ بِتَسْلِيمِهَا إلَيَّ أَوْ بِجَوَابِهِ عَنْ دَعْوَايَ فَيُجِيبُهُ بِالْإِنْكَارِ فَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهَا قَالَ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ وَاصْطَلَحَ الْحُكَّامُ عَلَى هَذَا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ كَذِبِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعِلْمِ الْقَاضِي بِذَلِكَ. لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ هَذَا كَذِبٌ مَحْطُوطٌ إذَا عُلِمَ أَنَّ الْقَصْدَ بِهِ التَّوَصُّلُ إلَى إثْبَاتِ الْحُقُوقِ بِمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ وَلَيْسَ الْقَصْدُ مِنْهُ إلَّا تَرْوِيجَ إثْبَاتِ الْأَحْكَامِ وَالتَّسْجِيلِ عَلَى الْحُكَّامِ. اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَأَنَّهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ التَّلْبِيسِ فَإِنَّ مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ يُصَيِّرُ نَفَسَهُ خَارِجًا وَيَجْعَلُ الْيَدَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذِبًا لِغَرَضِ التَّسْجِيلِ وَإِثْبَاتِ الْحُقُوقِ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ بِالدَّعْوَى عَلَى مَنْ يَخَافُ مِنْهُ الْمُنَازَعَةَ إنْ غَابَ وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ لِمَا فِي هَذِهِ مِنْ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ وَقَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي التَّنَزُّهِ عَنْ الْيَمِينِ فَفِي إلْزَامِهِ بِهَذِهِ الْحِيلَةِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحِيلَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ لَا يَمِينَ فِيهَا

لِأَنَّ الدَّعْوَى فِيهَا عَلَى حَاضِرٍ فَكَانَتْ أَسْهَلَ وَأَرْفَقَ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ مَا يُؤَيِّدُ سَمَاعَ الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ كَمَا ذُكِرَ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ اُدُّعِيَ عَلَى الْغَائِبِ أَنَّهُ ابْتَاعَ مِنْهُ الْعَيْنَ أَوْ اتَّهَبَهَا وَخَشِيَ جُحُودَهُ فَطَلَبَ سَمَاعَهَا لَمْ يَتَسَمَّعْ لِأَنَّ سَمَاعَهَا إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ إنْكَارِهِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ فَالْحِيلَةُ الْأُولَى مُتَعَيِّنَةٌ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا بِالدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثُّبُوتِ وَالسَّمَاعِ أَنَّ بَيِّنَةَ السَّمَاعِ يَسْمَعُهَا الْقَاضِي لِيَبْعَثَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِالْعَيْنِ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ لِيُشْهِدَ عَلَى عَيْنِهَا فِي بَلَدِ الْكَاتِبِ وَبَيِّنَةُ الثُّبُوتِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يُنْقَلَ إلَى قَاضٍ آخَرَ أَوْ لَا إذْ هِيَ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا حُكْمٌ وَمِنْ ثَمَّ جَازَ رُجُوعُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّصَلَ بِهَا حُكْمٌ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي وَكَانَ الْمُدَّعَى بِهِ يُقْبَلُ فِيهِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ فَجُرِحَ الشَّاهِدُ بَعْدَ يَمِينِهِ جَرْحًا شَرْعِيًّا فَهَلْ يُعْتَدُّ بِهَذِهِ الْيَمِينِ مَعَ إقَامَةِ شَاهِدٍ آخَرَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ أُخْرَى مَعَ الشَّاهِدِ الْآخَرِ؟

(فَأَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ أُخْرَى لِأَنَّ الْيَمِينَ الْأُولَى بَطَلَتْ بِتَبَيُّنِ فِسْقِ الشَّاهِدِ إذْ لَا يُعْتَدُّ بِهَا إلَّا بَعْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَثُبُوتِ عَدَالَتِهِ فَإِذَا بَانَ بُطْلَانُ شَهَادَتِهِ بَانَ بُطْلَانُهَا.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ وَلِيَ قَضَاءَ بَلَدٍ لَيْسَ فِيهَا وَظِيفَةٌ وَلَا فِيهَا سُلْطَانٌ مُسْلِمٌ وَلَا بَيْتُ مَالٍ وَلَا هُنَاكَ مُتَبَرِّعٌ يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ سِوَى أَنَّ أَهْلَ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ عَيَّنُوا عَلَى كُلِّ حِمْلٍ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْأَدْهَانِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَجِيءُ بِهِ أَهْلُ الْبَوَادِي شَيْئًا مَعْلُومًا ثُمَّ إنَّهُمْ يَصْرِفُونَ مَا يَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ لِلْقَاضِي وَأَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ وَالْمُؤَذِّنِينَ وَإِصْلَاحِ الْمَسَاجِدِ هَلْ يَجُوزُ لِلْقَاضِي وَغَيْرِهِ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَإِذَا تَوَرَّعَ الْقَاضِي عَنْ قَبُولِ مَا ذُكِرَ تَصِيرُ الْقَرْيَةُ مُعَطَّلَةً عَنْ الْحُدُودِ فَهَلْ يَجُوزُ أَخْذُهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَوْ لَا.

وَهَلْ يَحِلُّ لِلْقَاضِي قَبُولُ النَّذْرِ وَالْهِبَةِ الْمُطْلَقَةِ وَالْحُضُورُ فِي الطَّعَامِ الَّذِي يُصْنَعُ لِمَوْلِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ قَبُولُ ذَلِكَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مَكْسٌ حَقِيقَةً مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَلَا شُبْهَةٍ فَقَاتَلَ اللَّهُ تَعَالَى مُخْتَرِعَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015