الْأَذْرَعِيِّ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ ثَلَاثٍ وَالثَّلَاثِ ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ فِي أَنْتِ الثَّلَاثُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا رَفَعَهُ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي وُقُوعُ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الرَّفْعِ يَصِحُّ مَعَهُ اللَّفْظُ بِتَقْدِيرِ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ، أَوْ أَنْتِ ذَاتُ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَالسُّكُونُ ظَاهِرٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّا إنَّمَا قَدَّرْنَا مَا تَقَرَّرَ وَمَا يَأْتِي رِعَايَةً لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُهُ مَعَ نِيَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ تَخْرِيجُهُ عَلَى الصِّنَاعَةِ النَّحْوِيَّةِ
لِأَنَّ الْعَامِّيَّ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الصَّنَاعَةِ إلَّا أَنَّهُ يَفْهَمُهُ بِالطَّبْعِ فَيَقْصِدُهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ فَانْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ لَمْ يُفَرِّقُوا هُنَا بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ وَلِلْفَرْقِ اتِّجَاهٌ انْتَهَتْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَفِيهَا التَّصْرِيحُ بِمَا يُوَافِقُ مَا قَالَهُ السَّائِلُ نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَدَدِهِ، وَالرَّدُّ عَلَى مَا قَالَهُ الْفَقِيهُ ابْنُ عَبْسِينَ وَلَمْ أَدْرِ مَا النَّظِيرُ الَّذِي ذَكَرَهُ وَلَوْ ذَكَرَهُ السَّائِلُ لَوَضَّحْت الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ وَقَدْ يُسْتَشْهَدُ لَهُ بِقَوْلِهِمْ: لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ مِائَةُ طَالِقٍ وَقَعَ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ وَلَا شَاهِدَ فِيهِ لِصِحَّةِ التَّرْكِيبِ هُنَا إذْ مَدْلُولُهُ أَنَّهَا جَمَعَتْ مَا وُصِفَتْ بِهِ مِنْ الطَّلَاقِ وَهُوَ مِائَةُ طَلْقَةٍ فَكَانَ مُرَادُهُ أَنْتِ طَالِقٌ مِائَةً وَهَذَا يَقَعُ بِهِ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ فِي أَنْتِ ثَلَاثٌ، أَوْ الثَّلَاثُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ، قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ: أَنْتِ مِنَى بِوَاحِدَةٍ وَنَوَى الثَّلَاثَ، أَوْ بِثَلَاثٍ وَنَوَى الطَّلَاقَ دُونَ الثَّلَاثِ فَوَجْهَانِ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّرْكِيبَ صَحِيحٌ فَأَثَّرَتْ فِيهِ النِّيَّةُ؛ لِأَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ مُتَعَلِّقٌ بِالْخَبَرِ الْمَحْذُوفِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا لَكِنْ لَمَّا نَوَى الطَّلَاقَ تَعَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْخَبَرَ الْمَحْذُوفَ هُوَ طَالِقٌ وَمِنْ ثَمَّ رَجَّحْت فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْوُقُوعَ فَقُلْت وَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ فِي الْأُولَى وُقُوعُ وَاحِدَةٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَحْتَمِلُ الثَّلَاثَ بِوَجْهٍ وَفِي الثَّانِيَةِ وُقُوعُ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ صَرِيحٌ فِي الْعَدَدِ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ فَهُوَ كَأَنْتِ بَائِنٌ ثَلَاثًا فَإِنْ قُلْت لَمْ يُبَيِّنْ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ حُكْمَ الْجَرِّ وَالسُّكُونِ فِي أَنْتِ ثَلَاثٌ قُلْت هُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا ذَكَرْته مِنْ الْوُقُوعِ عِنْدَ النِّيَّةِ فِي أَنْتِ الثَّلَاثِ بِالْجَرِّ، أَوْ السُّكُونِ أَيْ: أَنْتِ ذَاتُ طَلَاقٍ ثَلَاثٍ وَالسُّكُونُ عَلَى الْوَقْفِ فَإِنْ قُلْت يُؤَيِّدُ مَنْ بَحَثَ الْفَرْقَ هُنَا بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ فَرْقُهُمْ بَيْنَهُمَا فِي أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ دَخَلْت الدَّارَ بِفَتْحِ إنْ، وَنَحْوُهُ قُلْت يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ اخْتِلَافَ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ ثَمَّ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالطَّلَاقِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ حَيْثُ تَعْجِيلُ الْوُقُوعِ فِي الْفَتْحِ وَتَأْخِيرُهُ فِي الْكَسْرِ فَنَظَرْنَا إلَى مَا يَتَبَادَرُ مِنْ حَالِ الْعَامِّيِّ عِنْدَ نُطْقِهِ بِنَحْوِ هَذِهِ الصِّيغَةِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ لِبُعْدِ إرَادَته مِنْهَا مَعْنَى التَّعْلِيلِ فَفَرَّقْنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّحْوِيِّ
وَأَمَّا مَا نَحْنُ فِيهِ هُنَا فَاخْتِلَافُ حَرَكَةِ ثَلَاثٍ، أَوْ الثَّلَاثِ فِيهِ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالطَّلَاقِ إثْبَاتًا تَارَةً كَمَا فِي حَالَةِ النَّصْبِ وَنَفْيًا أُخْرَى كَمَا فِي حَالَةِ الرَّفْعِ، فَلَمْ نَنْظُرْ لِلَفْظِهِ إذَا صَدَرَ مِنْ عَامِّيٍّ وَإِنَّمَا نَظَرْنَا لِقَصْدِهِ فَحَيْثُ نَوَى مَا يُوَافِقُ الصِّنَاعَةَ وَلَوْ بِتَقْدِيرٍ أَوْقَعْنَا بِهِ وَحَيْثُ لَا فَلَا وَكَذَا النَّحْوِيُّ؛ لِأَنَّ مَا فَصَّلْنَاهُ فِي الرَّفْعِ وَغَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ هُوَ قَضِيَّةُ الصِّنَاعَةِ النَّحْوِيَّةِ وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ التَّفْصِيلُ إلَّا مَعَ الْقَصْدِ وَإِلَّا كَانَ لَغْوًا فَلَزِمَ حِينَئِذٍ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَيُؤَيِّدُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا هُنَا عَدَمُهُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ شَاءَ اللَّهُ بِالْفَتْحِ فَتَقَعُ وَاحِدَةً مِنْ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي إنْ دَخَلْت الدَّارَ بِأَنَّ هَذَا لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّعْلِيقُ فَعِنْدَ الْفَتْحِ يَنْصَرِفُ لِلتَّعْلِيلِ بِهِ مُطْلَقًا وَذَاكَ يَغْلِبُ فِيهِ قَصْدُ التَّعْلِيقِ فَفَرْقٌ فِيهِ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ وَشَيْخُنَا زَكَرِيَّا بِأَنَّ حَمْلَ هَذَا عَلَى التَّعْلِيقِ يُؤَدَّى إلَى رَفْعِ الطَّلَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَصَاحِبُ الْإِسْعَادِ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ تَصْلُحْ أَنْ الْمَفْتُوحَةُ لِلتَّعْلِيقِ فَتَمَخَّضَتْ لِلتَّعْلِيلِ بِخِلَافِهَا فِي الدُّخُولِ وَنَحْوِهِ فَكَمَا أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِمَا ذُكِرَ كَذَلِكَ فَرَّقْنَا نَحْنُ بَيْنَ صُورَةِ السُّؤَالِ وَإِنْ دَخَلَتْ بِمَا قَدَّمْنَاهُ وَاضِحًا مُبَيَّنًا.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ مِثْلُك طَالِقٌ فَمَا حُكْمُهُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَمْ أَرَ فِي هَذِهِ نَقْلًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا يَقَعُ عَلَى زَوْجَتِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ عَلَى زَوْجَتِهِ قَصْدًا وَلَا ضِمْنًا وَإِنَّمَا أَوْقَعَهُ عَلَى مُمَاثِلِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِهِ عَلَى مُمَاثِلِهَا وُقُوعُهُ