مُقَارِنًا لَهُ بِقَوْلِهِ: حَالَ عِتْقِك وَأَمَّا هُنَا فَعَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى وُجُودِ اتِّصَافِهَا بِكَوْنِهَا طَالِقًا فَعَمِلُوا فِي كُلٍّ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُهُ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَحِكَايَةُ هَذَا الْفَرْعِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ. . . إلَخْ.

جَوَابُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَجِيبٍ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ قَدْ يَعْدِلَانِ عَنْ نَصٍّ لِمُقْتَضَى نَصٍّ آخَرَ هَذَا وَاعْتِرَاضُ الْأَذْرَعِيِّ صَاحِبِ الذَّخَائِرِ الَّذِي ذَكَرَ فِي الْخَادِمِ أَنَّ أَبَا الطَّيِّبِ سَبَقَهُ إلَيْهِ فِي أَخْذِهِ مِنْ النَّصِّ أَنَّهُ إذَا طَلَّقَ يَقَعُ طَلْقَتَانِ أَيْ: حَالًا وَاضِحٌ مِمَّا قَرَّرْته بَلْ الْوَجْهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ وَإِرَادَةِ الْحَالِ مَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ خِلَافًا لِمَا مَرَّ عَنْ الْخَادِمِ فَتَأَمَّلْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي رُوحِي طَالِقًا إذَا لَمْ يُرِدْ بِرُوحِي طَلَاقًا لَا يَقَعُ بِطَالِقٍ شَيْءٌ مُطْلَقًا عَلَى الْأَوْجَهِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَرَيَانِ تِلْكَ الْأَوْجُهِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقًا جَرَيَانُهَا فِي رُوحِي طَالِقًا إذَا لَمْ يَنْوِ بِرُوحِي طَلَاقًا لِمَا مَرَّ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ ثَمَّ صِيغَةً صَحِيحَةً صَرِيحَةً فَاغْتُفِرَ فِي تَابِعِهَا الْمُنَزَّلِ عَلَى مَعْنَاهَا وَحُكْمِهَا مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي الْمُسْتَقِلِّ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ بِتَابِعٍ لِغَيْرِهِ.

وَمِثْلُهُ لَا يَقَعُ بِاسْتِقْلَالِهِ شَيْءٌ كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِفَضْلِهِ هُوَ الْهَادِي إلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، وَإِلَيْهِ مَفْزَعُنَا فِي الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ. فَإِنْ قُلْت هَلْ يُمْكِنُ تَوْجِيهُ ذَلِكَ الْوَجْهِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ أَصْلًا بِمَا يَفِي بِهِ وَيَدْفَعُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ ضَعِيفٌ بِالْمَرَّةِ أَيْ: لِتَعْلِيلَيْهِ الْمُطَبَّقَيْنِ عَلَى مَا يَرُدُّهُ وَيُزَيِّفُهُ. قُلْت: نَعَمْ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْحَالَ مُقَيِّدَةٌ لِصَاحِبِهَا وَأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ نَوْعِ الْمَأْمُورِ بِهِ، أَوْ مِنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ تَنَاوَلَهَا الْأَمْرُ كَحُجَّ مُفْرَدًا، أَوْ اُدْخُلْ مَكَّةَ مُحْرِمًا فَإِذَا تَأَمَّلْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ طَالِقًا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَوْعِ رُوحِي لِتَنَاوُلِ الرَّوَاحِ بِمَعْنَى الذَّهَابِ لِلطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ بِأَنْ يُفَوِّضَهُ إلَيْهَا فَتُوقِعَهُ وَلَمْ تُوقِعْهُ فَحِينَئِذٍ اتَّضَحَ نَظَرًا لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ وَأَنَّهُ لَا شُذُوذَ فِي هَذَا الْوَجْهِ أَصْلًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ ثَلَاثٌ بِرَفْعٍ أَوْ خَفْضٍ أَوْ سُكُونٍ هَلْ تَطْلُقُ مَعَ النِّيَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عُمُومِ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وَقَدْ فَرَّقَ الْفَقِيهُ ابْنُ عَبْسِينَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَامِّ وَغَيْرِهِ وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ صَرِيحَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي إلَّا فَسَادُ كَلَامِهِ وَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي تَظْهَرُ بِهَا لَيْسَتْ مِثْلَهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِي وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ الثَّلَاثُ لَا يَكُونُ شَيْئًا.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَدْ ذَكَرْت الْمَسْأَلَةَ بِأَطْرَافِهَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَعِبَارَتُهُ، أَوْ أَنْتِ اثْنَانِ وَنَوَى بِهِ ثَلَاثًا فَقَضِيَّةُ مَا نَقَلَهُ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ التَّوْشِيحِ وُقُوعُ ثِنْتَيْنِ وَإِنَّمَا التَّرَدُّدُ فِي وُقُوعِ الثَّلَاثِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ بِنَاءً عَلَى اعْتِمَادِهِ عَدَمُ وُقُوعِهَا خِلَافًا لِمَا أَفْتَيْت بِهِ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهَا وَيُنَافِي الْوُقُوعَ مِنْ أَصْلِهِ مَا يَأْتِي فِي أَنْتِ ثَلَاثٌ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ ثِنْتَانِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لِمَحْذُوفٍ أَيْ: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَيَكُونُ ذِكْرُ الْأَلِفِ فِيهِ عَلَى اللُّغَةِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ فَأَثَّرَتْ نِيَّةُ الْعَدَدِ حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا لَمْ تُؤَثِّرْ نِيَّةُ الثَّلَاثِ لِمُنَافَاةِ لَفْظِهِ لَهَا كَمَا تَقَرَّرَ.

وَلَوْ نَوَى بِأَنْتِ ثِنْتَانِ وَاحِدَةً وَقَعَتَا أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ لِمُنَافَاةِ لَفْظِهِ لِنِيَّتِهِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، أَوْ أَنْتِ ثَلَاثًا وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَلَغْوٌ وَإِنْ نَوَى أَصْلَ الطَّلَاقِ فَقَطْ فَثَلَاثٌ أَيْ: لِأَنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي الْعَدَدِ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَوَجْهَانِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ ثَلَاثًا صَرِيحٌ فِي الْعَدَدِ فَلَا أَثَرَ لِنِيَّةِ خِلَافِهِ، أَوْ أَنْتِ ثَلَاثٌ، أَوْ أَنْتِ الثَّلَاثُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَفَارَقَتْ ثَلَاثٌ ثَلَاثًا بِأَنَّهَا بِالرَّفْعِ خَبَرُ أَنْتِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ تَرْكِيبٌ فَاسِدٌ إذْ لَا يُخْبَرُ عَنْ أَنْتِ الْمَوْضُوعَةِ لِلذَّاتِ بِثَلَاثٍ سَوَاءٌ عُرِّفَتْ أَمْ نُكِّرَتْ وَلَا أَثَرَ لِصِحَّتِهِ بِتَقْدِيرِ أَنَّهَا صَارَتْ عَيْنَ الثَّلَاثِ مُبَالَغَةً وَادِّعَاءً؛ لِأَنَّ هَذَا اعْتِبَارٌ مُحَسَّنٌ يُخَالِفُهُ مَوْضُوعُ اللَّفْظِ وَالْحَمْلُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يَخْرُجُ عَلَيْهِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي أَنْتِ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الْمَصْدَرِ ثُمَّ الَّذِي هُوَ أَصْلُ طَالِقٍ وَنَحْوِهِ فَأَثَّرَتْ نِيَّةُ الطَّلَاقِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ قَدْ يُرَادُ بِهِ اسْمُ الْفَاعِلِ وَنَحْوُهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ إرَادَةِ ذَلِكَ فَفِيهِ أَصْلُ الْمَادَّةِ فَصَحَّتْ نِيَّتُهَا حِينَئِذٍ بِخِلَافِ ثَلَاثٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ فَلَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ بِهِ، وَأَمَّا النَّصْبُ فَهُوَ يَقْتَضِي حَذْفَ الْخَبَرِ فَيُقَدَّرُ بِمَا يُنَاسِبُهُ وَهُوَ طَالِقٌ فَصَحَّ اللَّفْظُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعَدَدِ الصَّرِيحِ وَبِمَا ذَكَرْته يَنْدَفِعُ قَوْلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015