إذَا رَفَعَ بِخِلَافِ مَا إذَا سَكَّنَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمَا عَنْ الْعَبَّادِيِّ.
لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقًا لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ شَيْءٌ بَلْ إذَا طَلَّقَهَا وَقَعَ طَلْقَتَانِ فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَنْصُوبَ لَا يَقَعُ بِهِ إلَّا وَاحِدَةٌ أَيْ بِأَنْتِ طَالِقٌ لَا بِطَالِقًا كَمَا لَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَجَبَ حَمْلُ السَّاكِنِ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَنْ نَصْبٍ وَأَنْ يَكُونَ عَنْ رَفْعٍ فَنَأْخُذُ بِالْيَقِينِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْعَبَّادِيِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَنْصُوبُ هُوَ الْأَوَّلُ، أَوْ الثَّانِي نَعَمْ إنْ نَصَبَهُمَا مَعًا، أَوْ جَرَّهُمَا، أَوْ جَرَّ أَحَدَهُمَا مَعَ نَصْبِ الْآخَرِ، أَوْ رَفْعِهِ فَالْقِيَاسُ فِي الْجَمِيعِ إلْحَاقُهُ بِالسَّاكِنِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. وَيَحُثُّ فِي التَّوَسُّطِ بَعْدَ ذِكْرِهِ ذَلِكَ أَنَّهُ يَنْبَغِي اسْتِفْسَارُ الْجَاهِلِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَيُعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ أَيْ: فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ
فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَإِذَا تَأَمَّلْت مَا ذَكَرَهُ فِي أَنْتِ طَالِقًا طَالِقًا بِنَصَبِهِمَا، أَوْ طَالِقٌ طَالِقًا وَعَكْسُهُ بِالْجَرِّ مَعَ النَّصْبِ، أَوْ طَالِقٍ طَالِقٌ بِجَرِّ أَحَدِهِمَا وَرَفْعِ الْآخَرِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ إلَّا وَاحِدَةٌ أَيْ: خَبَرُ أَنْتِ وَإِنْ أَخْطَأَ بِنَصْبِهِ، أَوْ جَرِّهِ وَلَا يَقَعُ بِالْمَنْصُوبِ، أَوْ الْمَجْرُورِ الَّذِي لَيْسَ بِخَبَرٍ شَيْءٌ، عَلِمْت اتِّضَاحَ مَا ذَكَرْته أَنَّ طَالِقًا بِمُجَرَّدِهِ لَا يَقْتَضِي وُقُوعَ شَيْءٍ مُطْلَقًا وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَنْصُوبَ لَا يَقَعُ بِهِ إلَّا وَاحِدَةٌ أَيْ: بِأَنْتِ طَالِقٌ مِنْهُ لَا بِطَلَاقِهِ كَمَا مَرَّ تَعْلَمُ صِحَّةَ مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا شَيْءٌ أَصْلًا وَمِنْهَا قَوْلُ التَّهْذِيبِ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقًا فَإِنْ أَرَادَ طَلْقَتَيْنِ وَقَعَتَا وَإِنْ أَرَادَ التَّأْكِيدَ وَنَصَبَ عَلَى الْحَالِ قُبِلَ مِنْهُ وَتَقَعُ وَاحِدَةٌ.
وَإِنْ أَرَادَ التَّعْلِيقَ قُبِلَ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يُطَلِّقَهَا. اهـ. فَإِذَا كَانَ طَالِقًا الْمَنْصُوبُ هُنَا مُحْتَمَلًا لِمَا ذُكِرَ مَعَ كَوْنِهِ وَقَعَ بَعْدَ صِيغَةٍ صَحِيحَةٍ هِيَ أَنْتِ طَالِقٌ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُحْتَمَلًا فِي رُوحِي طَالِقًا بَلْ لَا يَقَعُ بِهِ فِيهَا شَيْءٌ مُطْلَقًا لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ الْفَرْقِ أَنَّهُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقًا وَقَعَ تَابِعًا لِصِيغَةٍ صَحِيحَةٍ فَاحْتَمَلَ الْإِيقَاعَ ثَانِيًا وَالتَّأْكِيدَ وَالتَّعْلِيقَ فَعُمِلَ بِإِرَادَتِهِ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا فِي رُوحِي طَالِقًا فَوَقَعَ مُسْتَقِلًّا وَهُوَ لَا يَصْلُحُ وَحْدَهُ لِلِاسْتِقْلَالِ فَلَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ فَإِنْ قُلْت لَمْ يَذْكُرْ الْبَغَوِيّ عَلَى طَرِيقَتِهِ حُكْمَ مَا إذَا أَطْلَقَ.
قُلْت قِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ فِي السُّكُونِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ هُنَا؛ لِأَنَّهُ احْتَمَلَ الْوُقُوعَ وَعَدَمَهُ فَحَكَمْنَا بِعَدَمِهِ لِأَصِل بَقَاءِ الْعِصْمَةِ، وَأَمَّا مَا يَأْتِي عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَصَاحِبِ الذَّخَائِرِ مِنْ أَنَّهُ مَعَ الْإِطْلَاق يَقَعُ طَلْقَتَانِ فَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ نَصِّ الْأُمِّ وَهُوَ وَجْهٌ مُغَايِرٌ لِهَذَا الْوَجْهِ كَمَا يَأْتِي ثُمَّ رَأَيْت الْقَاضِيَ حُسَيْنًا حَكَى وَجْهًا أَيْ: ضَعِيفًا بِالْمَرَّةِ أَنَّ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقًا لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ طَالِقًا يُنْصَبُ عَلَى الْحَالِ وَتَقْدِيرُهُ أَنْتِ طَالِقٌ حَالَةَ مَا تَكُونِينَ طَالِقًا وَالْمَرْأَةُ لَا تَكُونُ قَطُّ طَالِقًا إنَّمَا تَكُونُ مُطَلَّقَةً وَالرَّجُلُ هُوَ الطَّالِقُ وَهَذِهِ الصِّفَةُ لَا تُوجَدُ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ. اهـ.
وَعَلَى هَذَا فَمَا ذَكَرْته فِي رُوحِي طَالِقًا وَاضِحٌ لَا غُبَارَ فِيهِ وَمِنْهَا قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ وَاعْتَمَدُوهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ حَتَّى يُطَلِّقَهَا فَإِذَا طَلَّقَهَا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ وَالتَّقْدِيرُ إذَا صِرْت مُطَلَّقَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ هَذَا إنْ لَمْ تَبِنْ بِالطَّلْقَةِ الْمُنَجَّزَةِ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ غَيْرُهَا مَا لَمْ يُرِدْ إيقَاعَ طَلْقَةٍ مَعَ الْمُنَجَّزَةِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ وَقَعَ ثِنْتَانِ وَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ تَطْلِيقِي إيَّاكِ قَالَا وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ طَالِقًا فَإِنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فَدَخَلَتْ وَقَعَتْ الْمُعَلَّقَةُ وَإِنْ دَخَلَتْ غَيْرَ طَالِقٍ لَمْ تَقَعْ الْمُعَلَّقَةُ. اهـ. وَبِتَأَمُّلِهِ يُعْلَمُ أَنَّ طَالِقًا لَمْ يَقَعْ بِالتَّلَفُّظِ بِهِ شَيْءٌ أَصْلًا فَاتَّضَحَ أَنَّ طَالِقًا غَيْرُ مُقْتَضٍ لِوُقُوعِ شَيْءٍ بِلَفْظِهِ لَا عِنْدَ التَّكَلُّمِ وَلَا بَعْدَهُ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ هُنَا مَعَ كَوْنِهِ وَاقِعًا بَعْدَ صِيغَةِ طَلَاقٍ صَرِيحَةٍ فَأَوْلَى فِي رُوحِي طَالِقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بَعْدَ صِيغَةِ طَلَاقٍ صَرِيحَةٍ بَلْ كِنَايَةٌ وَلَمْ يَنْوِهِ بِهَا كَمَا هُوَ الْغَرَضُ.
وَمَرَّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَحْوِ مَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ فِيمَا إذَا أَرَادَ إيقَاعَ طَلْقَةٍ مَعَ الْمُنَجَّزَةِ وَذَلِكَ الْفَرْقُ أَنَّهُ هُنَا وَقَعَ عَقِبَ صِيغَةٍ صَحِيحَةٍ صَرِيحَةٍ فَصَحَّتْ نِيَّةُ إيقَاعِ طَلْقَةٍ بِهِ مُصَاحِبَةٍ لِلطَّلْقَةِ الْوَاقِعَةِ بِتِلْكَ الصِّيغَةِ، وَأَمَّا فِي رُوحِي طَالِقًا فَوَقَعَ مُسْتَقِلًّا وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ لَا يَصِحُّ إيقَاعُ شَيْءٍ بِهِ أَصْلًا فَإِنْ قُلْت كَيْفَ اعْتَمَدَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا