شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ سِوَاهُ فَاعْلَمْهُ. اهـ. وَيُجَابُ عَنْ مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا مَا يَقْتَضِي تَقْدِيرَ مَحْذُوفٍ يَنْبَنِي عَلَيْهِ قَوْلُهُ ثَلَاثًا فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهَا النِّيَّةُ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ سَبَقَ مَا يَقْتَضِي تَقْدِيرَ ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ثَلَاثًا فَصَحَّتْ نِيَّتُهُ وَوَقَعَ بِهِ الثَّلَاثُ ثُمَّ رَأَيْتنِي فِي بَعْضِ الْفَتَاوَى بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ مَعَ هَذَا.
(وَسُئِلَ) اُشْتُهِرَ فِي التُّرْكِ إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ قَالَ لَهَا دُسْتُورٌ فَإِذَا غَابَ أَوْ مَاتَ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ نَوَى الطَّلَاقَ أَمْ لَا مَا الْحُكْمُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا طَلَاقَ فِيمَا ذَكَرَ وَإِنْ جَعَلْنَا لَفْظَ (دُسْتُورٌ) كِنَايَةً؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْوُقُوعِ بِهَا تَحَقُّقُ نِيَّةِ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ بِهَا وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ ثَابِتَةٌ مُحَقَّقَةٌ فَلَا تُزَالُ إلَّا بِيَقِينٍ وَجَعْلُ (دُسْتُورٌ) كِنَايَةً لَهُ وَجْهٌ فَإِنَّهَا تُسْتَعْمَلُ عُرْفًا فِي الْإِذْنِ فِي الْمُفَارَقَةِ فَإِذَا اسْتَعْمَلَهَا كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ فَقَدْ اسْتَعْمَلَهَا فِيمَا يُنَاسِبُ مَعْنَاهَا الْمُشْتَهِرَةِ فِيهِ عُرْفًا فَلَمْ يَبْعُدْ جَعْلُهَا كِنَايَةً.
(وَسُئِلَ) عَنْ حُكْمِ حَلِّ الدَّوْرِ بِالصِّيغَةِ الَّتِي نَقَلَهَا السُّبْكِيّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ مَعَ التَّنْظِيرِ فِيهَا وَهِيَ كُلَّمَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا وَالدَّمِيرِيُّ يَقُولُ هِيَ إنْ لَمْ يَقَعْ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ فَهَلْ الصِّيغَتَانِ سَوَاءٌ وَقَوْلُ الْأَزْرَقِ فَإِنْ قِيلَ مَا الْمُخَلِّصُ إذَا قُلْتُمْ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ قُلْنَا الْمُخَلِّصُ أَنْ يَقُولَ لِلزَّوْجَةِ طَلِّقِي نَفْسَك فَتُطَلِّقُ نَفْسَهَا؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ عَلَى الْأَصَحِّ لَكِنْ حُكِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي الصَّيْفِ أَنَّهُ لَا مُخَلِّصَ لَهُ مِنْهُ إلَّا بِسَبَبٍ يُوجِبُ الْفَسْخَ كَالْإِعْسَارِ وَنَحْوِهِ. اهـ. فَعِبَارَةُ ابْنِ أَبِي الصَّيْفِ حَاصِرَةٌ وَالْأَزْرَقُ مِنْ الْوَاقِفِينَ عَلَى مُصَنَّفَاتِ السُّبْكِيّ وَالْإِسْنَوِيِّ وَكَثِيرًا مَا يَنْقُلُ عَنْهُمْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ مِنْهُ لِمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ وَلَا لِمَا أَظْهَرَاهُ مِنْ النَّظَرِ مَعَ نَقْلِهِ لِعِبَارَةِ ابْنِ أَبِي الصَّيْفِ الْحَاصِرَةِ فَهَلْ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْفُضْ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي نَقَلُوهُ عَنْ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ إنَّهُ إذَا عَكَسَ التَّعْلِيقَ فَقَالَ: كُلَّمَا تَلَفَّظْت بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَإِذَا طَلَّقَهَا انْحَلَّ الدَّوْرُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ قَالَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْقَبْلِيَّ قَدْ صَارَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مُعَلَّقًا عَلَى النَّقِيضَيْنِ وَهُمَا الْوُقُوعُ وَعَدَمُ الْوُقُوعِ.
وَكُلَّمَا كَانَ لَازِمًا لِلنَّقِيضَيْنِ فَهُوَ وَاقِعٌ لِاسْتِحَالَةِ خُلُوِّ الْوَاقِعِ عَنْ أَحَدِهِمَا قَالَ وَقَرِيبٌ مِنْهُ فِي الْوَكَالَةِ كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي فَيُعَادُ الْعَزْلُ بِأَنْ يَقُولَ كُلَّمَا عُدْت وَكِيلِي فَأَنْتَ مَعْزُولٌ فَيَقُولُ عَزَلْتُكَ. اهـ. وَأَمَّا تَنْظِيرُ الْإِسْنَوِيِّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ الْمُتَأَخِّرِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ صِحَّتَهُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى التَّنْجِيزِ الَّذِي هُوَ فَرْعُهُ فَمَرْدُودٌ بِأَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِصُوَرٍ يَصِحُّ فِيهَا التَّعْلِيقُ دُونَ التَّنْجِيزِ مِنْهَا الرَّاهِنُ إذَا أَعْسَرَ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عِتْقَ الْمَرْهُونِ بِصِفَةٍ فَإِذَا وُجِدَتْ بَعْدَ انْفِكَاكِ الرَّهْنِ نَفَذَ الْعِتْقُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يَصِحُّ تَنْجِيزُهُ وَمِنْهَا الْعَبْدُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ عَلَى عِتْقِهِ وَلَا يَصِحُّ تَنْجِيزُهَا وَلَهُ فِيهِ نَظْرٌ ثَانٍ وَهُوَ سَلَّمْنَا صِحَّةَ التَّعْلِيقِ الثَّانِي لَكِنَّ التَّعْلِيقَ الْأَوَّلَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى صِحَّةِ الدَّوْرِ وَاسْتِحَالَةِ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِيرُ الطَّلَاقُ وَاقِعًا عَلَى كُلٍّ مِنْ التَّقْدِيرَيْنِ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَدْرَكَ فِي الطَّلَاقِ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ إنَّمَا هُوَ وُقُوعُهُ عَلَى تَقْدِيرِ كُلٍّ مِنْ النَّقِيضَيْنِ.
وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الطَّلَاقُ بِلَا لَفْظٍ آخَرَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ وَالْمَدْرَكُ فِي الْوَكَالَةِ إنَّمَا تَعَارُضُ التَّعْلِيقَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ تَعْلِيقٍ مَطْلُوبُهُ خِلَافُ مَطْلُوبِ الْآخَرِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَلَمَّا تَعَارَضَا اعْتَضَدَ الْعَزْلُ بِالْأَصْلِ إذْ الْأَصْلُ الْحَجْرُ وَلِهَذَا لَا يَحْصُلُ الْعَزْلُ إلَّا بِلَفْظٍ. اهـ. وَلَمْ أَرَ أَحَدًا تَعَقَّبَ اعْتِرَاضَهُ هَذَا وَهُوَ جَدِيرٌ بِالتَّعَقُّبِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَكِنَّ التَّعْلِيقَ الْأَوَّلَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ. . . إلَخْ لَا يُفِيدُهُ فِي مَطْلُوبِهِ نَفْعًا؛ لِأَنَّ عَدَمَ تَرَتُّبِ شَيْءٍ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ مَعَ انْفِرَادِهِ عَمَّا يُعَارِضُهُ وَأَمَّا بَعْدَ وُجُودِ مُعَارِضٍ لَهُ وَهُوَ التَّعْلِيقُ الثَّانِي فَقَدْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ بِوَاسِطَةِ انْضِمَامِ هَذَا الْمُعَارِضِ إلَيْهِ شَيْءٌ وَهُوَ الْوُقُوعُ لِمَا تَقَرَّرَ أَوَّلًا أَنَّ سَبَبَ انْحِلَالِ الدَّوْرِ أَنَّ التَّعْلِيقَيْنِ لَمَّا وُجِدَا وَصَحَّا لَزِمَ كَوْنُ الطَّلَاقِ الْقَبْلِيِّ مُعَلَّقًا عَلَى النَّقِيضَيْنِ وَهُمَا الْوُقُوعُ الَّذِي اقْتَضَاهُ التَّعْلِيقُ الثَّانِي وَعَدَمُهُ الَّذِي اقْتَضَاهُ التَّعْلِيقُ الْأَوَّلُ.
وَيَلْزَمُ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِالنَّقِيضَيْنِ الْوُقُوعُ ضَرُورَةَ اسْتِحَالَةِ خُلُوِّ الْوَاقِعِ