الْمُبَاحَاتِ فَنُزِلَ عَلَى مَا يَجُوزُ فِعْلُهُ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ اللَّحْم لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَحُصُولُ الْفَيْئَةِ بِوَطْءِ الزَّوْجَةِ فِي الْحَيْضِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْحِنْثِ إذْ لَوْ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ نَاسِيًا لِلْيَمِينِ أَوْ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ وَحَصَلَتْ الْفَيْئَةُ عَلَى الْأَصَحّ وَكَذَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لَا يَنْحَلُّ يَمِينُهُ قَطْعًا وَتَحْصُلُ الْفَيْئَةُ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ قُلْتَ لِمَ لَا نُنَزِّلُ قَتْلَ الْهِرِّ عَلَى حَالَةِ الْإِفْسَادِ الَّتِي يَحِلُّ قَتْلُهُ فِيهَا قُلْت تِلْكَ حَالَةٌ نَادِرَةٌ فَلَا تَعْلَقُ بِهَا الْيَمِينُ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الْحَلْفَ عَلَى قَتْلِ زَيْدٍ أَوْ شُرْبِ الْخَمْرِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي يَحِلُّ قَتْلُهُ وَشُرْبُهَا فِيهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَالِفَ مَتَى تَمَكَّنَ مِنْ قَتْلِ الْهِرِّ وَلَمْ يَقْتُلْهُ حَنِثَ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ تِلْكَ الصُّورَةَ الْمَخْصُوصَةَ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يُصَلِّي خَلْف زَيْدٍ فَوَلِيَ إمَامَةَ الْجُمُعَةِ فَهَلْ تَسْقُطُ عَنْ الْحَالِفِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ تَسْقُطُ عَنْهُ لِأَنَّ مَشَقَّةَ فِرَاقِ الزَّوْجَةِ تَزِيدُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ وَأَيْضًا فَمِلْكُ الزَّوْجَةِ يُشْبِهُ فَوَاتُهُ فَوَاتَ الْمَالِيَّةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ وَيَشْهَدُ لَهُ بِالْأَوْلَى وَهُوَ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَوْ نَشَزَتْ وَرَجَا رَدَّهَا إلَى الطَّاعَةِ فَاشْتُغِلَ بِرَدِّهَا عُذِرَ فِي الْجُمُعَةِ كَمَا لَوْ اُشْتُغِلَ بِصَلَاحِ مَالِهِ الَّذِي يَخْشَى فَسَادَهُ لَوْ صَلَّى الْجُمُعَةَ لَا يُقَالُ لِمَ لَا يَكُونُ الْإِيجَابُ الشَّرْعِيُّ عُذْرًا فِي عَدَمِ الْحِنْثِ كَالْإِكْرَاهِ الْحِسِّيّ فَيُصَلِّي الْجُمُعَةَ خَلْفَهُ وَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ حَلَفَ بِاخْتِيَارِهِ عَلَى مَا يَعُمّ الْمَعْصِيَةَ وَغَيْرَهَا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ فَأَعْسَرَ فَفَارَقَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَإِنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ مُلَازَمَتُهُ وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ وَهُوَ فِي يَدِ الْكُفَّار عَلَى أَنَّهُ لَا يُهَاجِرُ لَزِمَتْهُ الْهِجْرَةُ وَيَحْنَثُ لِأَنَّ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ وَبِأَنَّ مَنْ بِيَدِهِ وَدِيعَةٌ يَلْزَمُهُ إخْفَاؤُهَا فَإِذَا حَلَفَ كَاذِبًا حَنِثَ لِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِهِ وَالْأَوْلَى لِهَذَا الْحَالِفِ أَنْ يَرْفَعَ الْقَضِيَّةَ إلَى حَاكِمٍ فَيُلْزِمُهُ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَلَا يَحْنَثُ لِإِكْرَاهِ الْقَاضِي وَإِلْزَامِهِ لَهُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ سَأَلَهُ رَجُلٌ طَلَّقْتَ زَوْجَتَك فَقَالَ تِسْعِينَ طَلْقَةً وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَمَا يَلْزَمُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ أَرَادَ الْمُلْتَمِسُ بِذَلِكَ الِاسْتِخْبَارَ كَانَ إقْرَارًا فَيُؤَاخَذُ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ كَاذِبًا فَلَهُ مُعَاشَرَتُهَا بَاطِنًا بَعْد الرَّجْعَةِ وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ الْتِمَاسَ الْإِنْشَاءِ مِنْ الْمُطَلَّقِ وَقَعَ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا لِأَنَّ طَلَّقْتُ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ لِذِكْرِهِ فِي السُّؤَالِ وَمَا فِيهِ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ فَكَأَنَّهُ قَالَ طَلَّقْتهَا تِسْعِينَ طَلْقَةً قَاصِدًا بِذَلِكَ الْإِيقَاعِ فَتَلْحَقُهَا الثَّلَاثُ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الطَّلَاقَ رَجْعِيُّ وَأَنَّ الْعِدَّةَ بَاقِيَةٌ وَمَا ذَكَرْته فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ مَأْخُوذَةٌ مِمَّا قَالُوهُ فِيمَنْ قِيلَ لَهُ الْتِمَاسًا لِلْإِنْشَاءِ أَطْلَقْتَ زَوْجَتَك فَقَالَ نَعَمْ مَثَلًا بِجَامِعِ أَنَّ نَحْوَ نَعَمْ لَيْسَتْ مِنْ صَرَائِحِ الطَّلَاقِ لَكِنَّهَا لَمَّا وَقَعَتْ بَعْدَ السُّؤَالِ الْمُعَادِ فِي الْجَوَابِ نَزَّلُوهَا مَنْزِلَةَ طَلَّقْتُهَا وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي نَحْوِ نَعَمْ الَّذِي لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى طَلَّقْتُهَا إلَّا مُجَرَّدُ ذَلِكَ التَّنْزِيلِ فَأَوْلَى فِي تِسْعِينَ الْمُسْتَدْعَى تَقْدِيرُ عَامِلٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُؤَالٌ وَلَا إنْشَاءٌ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ رَجَعَتْ هَلْ يُقْبَلُ رُجُوعُهَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يُقْبَلُ رُجُوعُهَا كَمَا فِي التَّدْرِيبِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تُنْسَبُ لِزَوْجِهَا مِنْ غَيْر تَحْقِيقٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ جَمَاعَةٍ جَاءُوا إلَى جَمَاعَةٍ آخَرِينَ فَحَلَفَ أَحَدُ الْجَمَاعَةِ الْوَارِدِينَ بِالطَّلَاقِ مَا نَحْنُ لَكُمْ بِضِيفَانٍ أَوْ مَا نَذُوقُ لَكُمْ طَعَامًا أَوْ مَا نَذُوق عِنْدَكُمْ زَادًا وَقَصَدَ الْيَمِينَ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ فَحَلَفَ أَحَدُ الْجَمَاعَةِ الْمَقْدُومِ عَلَيْهِمْ مَا تَرُوحُونَ إلَّا بَعْدَ زَادٍ فَهَلْ يَبْرَأُ الْحَالِفُ الْأَوَّلُ بِرُجُوعِ أَحَدٍ مِنْهُمْ إلَى مَحِلِّهِ وَبِالْمَحِلِّ بَاقِيهِمْ الزَّاد وَيَتَمَلَّكُونَ الزَّادَ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فَذَاكَ وَإِنْ قُلْتُمْ بِخِلَافِهِ فَمَا تَكُونَ الْحِيلَةُ فِي الْخَلَاصِ مِنْ الْحِنْثِ لَهُمَا أَوْضِحُوا لَنَا الْجَوَابَ عَنْ كُلِّ لَفْظٍ بِمَا يَقْتَضِيه؟

(فَأَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِمَا صُورَتُهُ إذَا حَلَفَ مَا نَحْنُ لَكُمْ بِضِيفَانٍ وَقَصَدَ نَفْسَهُ وَجَمَاعَتَهُ وَحَلَفَ أَحَدُ الْمَقْدُومِ عَلَيْهِمْ مَا تَرُوحُونَ إلَّا بَعْدَ زَادٍ فَأَطْعَمَهُمْ أَحَدُ الْمَقْدُومِ عَلَيْهِمْ قَبْلَ رَوَاحِهِمْ زَادًا لَمْ يَحْنَثْ وَاحِدٌ مِنْ الْحَالِفَيْنِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُمَا بِأَنْ أَطْلَقَا هَذَيْنِ الْيَمِينَيْنِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ السَّائِلُ لِأَنَّ لَفْظَ الْأَوَّلِ فِيهِ مَا نَحْنُ لَكُمْ بِضِيفَانٍ.

وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ لَمْ يُضَيِّفْهُمْ الْجَمِيعُ فَإِنْ أَرَادَ الْحَالِفُ الْأَوَّلُ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ لَا يَصِيرُ ضَيْفًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015