إلْزَامِيٌّ أَيْ أَنْتِ حَلَالٌ لِكُلِّ أَحَدٍ إلَّا فُلَانًا فَلَا تَحِلِّينَ لَهُ مُرِيدًا إلْزَامَهَا أَنْ لَا تَتَزَوَّجْ بِهِ وَهَذَا شَرْطٌ مُسْتَحِيلٌ شَرْعًا فَإِنَّهَا إذَا طَلُقَتْ حَلَّتْ لِفُلَانٍ وَغَيْره فَأَشْبَهَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا لَا يَقَع عَلَيْكِ جَمِيعُ أَحْكَامِهِ بَلْ بَعْضُهَا وَهُوَ مِلْكٌ لِمَا سِوَى فُلَان.

وَهَذَا شَرْطٌ إلْزَامِيٌّ وَالطَّلَاقُ وَإِنْ قَبْل التَّعْلِيقِ فَلَا يَقْبَلُ إلْحَاق الشَّرْطِ الْإِلْزَامِيِّ بِهِ كَأَنْتِ طَالِقٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَدْخُلِي الدَّارَ وَأَنْ لَا تَحْتَجِبِي مِنِّي فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ جَزْمًا وَإِنْ دَخَلَتْ الدَّارَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْأَوَّلَ فِي مَسْأَلَتنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ إلْزَامِيّ فَيَقَعُ وَيَلْغُو إلْزَامَهُ لَهَا مَا لَا يَلْزَمُهُ شَرْعًا هَذَا لَوْ فُرِضَ إمْكَانُهُ فَمَا بَالك بِالْمُسْتَحِيلِ شَرْعًا وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِإِنْ لَمْ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ فَوْرٌ فَإِنْ كَانَ بِإِذَا لَمْ تَتَزَوَّجِي وَقَعَ الطَّلَاقُ حَالًا اتِّفَاقًا.

وَلَا فَرْقَ فِي الْكُلِّ بَيْنَ أَنْ يَقُول بِفُلَانٍ أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَى إنْ لَمْ تَتَزَوَّجِي لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَعْنَى إلْزَامُهَا أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ بِغَيْرِهِ فَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْن ذِكْرَ الْغَيْرِ وَعَدَمِ ذِكْرِهِ.

(وَسُئِلَ) مَا الْمُعْتَمَدُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّوْرَ فِي الطَّلَاقِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْمُعْتَمَدُ وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ كَمَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَتَبِعَهُمَا فُحُولُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَابْنِ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِمْ بَلْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْإِمَامِ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَنَّ الْإِمَامَ ابْنَ سُرَيْجٍ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ بِقَوْلِهِ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ وَكَانَ هَذَا هُوَ مُسْتَنَدُ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي فَتْحِ الْبَارِي أَنَّ الدَّوْرَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ لَكِنْ يَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُمْ قَائِلُونَ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَكْثَرُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي عَصْرِ الشَّافِعِيِّ وَمَا قَبْلَهُ وَجَرَى كَثِيرُونَ عَلَى إنَّهُ لَوْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ نُقِضَ حُكْمُهُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْإِمَامُ وَلِيُّ اللَّهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيِّ يَقُولُ ائْتُونِي بِزَوْجَةِ الْمُلْقِي لِلدَّوْرِ حَيْثُ طَلَّقَهَا بَعْده وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا لِأَتَزَوَّجَهَا وَنَاهِيك بِهِ عِلْمًا وَوَرَعًا قَيْل وَلَمْ يَنُصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى الدَّوْرِ الْجُعْلِيّ بَلْ عَلَى الدَّوْرِ الشَّرْعِيّ الَّذِي لَا خِلَاف فِي اعْتِبَارِهِ وَمَنْ نَسَبَ إلَيْهِ الْأَوَّلَ فَقَدْ غَلِطَ وَجَهِلَ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا وَقَعَ لِلْأَكْثَرِينَ لِأَنَّهُ زَلَّةٌ وَقَدْ نُهِينَا عَنْ اتِّبَاعِ زَلَّاتِ الْعُلَمَاءِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ. اهـ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ الثَّلَاث لَوْ تَغْدِي إلَى بَيْتِ أَهْلِك مِنْ غَيْرِ رِضَائِي مَا كَانَ إلَّا فِرَاقُك فَغَدَتْ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ لِبَيْتِ أَهْلِهَا فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا أَوْ عِنْدَ الْيَأْسِ وَهَلْ يُصَدَّقُ إلَّا قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ وَهَلْ حَذْفُ إلَّا كَوُجُودِهَا وَيَحْصُلُ الْفِرَاقُ بِطَلْقَةٍ رَجْعِيَّةٍ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ اخْتَلَفَ فِي هَذِهِ جَمْعٌ يَمَنِيُّونَ فَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثَةً لِأَنَّهَا غَدَتْ إلَى بَيْتِ أَهْلِهَا بِغَيْرِ رِضَاهُ وَهُوَ عَامِّيٌّ لَا يُفَرِّقُ بَيْن التَّعْلِيقِ وَالتَّنْجِيزِ وَلَا قَصَدَ شَيْئًا وَأَفْتَى آخَرُ بِأَنَّ قَوْلَهُ كَانَ إلَّا فِرَاقُك تَعْلِيقٌ عَلَى عَدَمِ اسْتِمْرَارِ امْرَأَتِهِ إنْ غَدَتْ إلَى بَيْتِ أَهْلِهَا وَالظَّاهِرُ الْفَرْقُ بَيْن إلَّا وَعَدَمِهَا وَقَدْ أَشَارَ فِي فَتَاوَى الْأَصْبَحِيّ إلَى نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ إنْ رُحْت إلَى أَهْلِك فَهُوَ تَمَامُ طَلَاقِك وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَنَّ لَفْظَ التَّمَامِ لَا يَقْتَضِي الثَّلَاثَ عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي أَجَابَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَظَهَرَ لِي أَنَّ تَمَامَ كَقَوْلِهِ كَانَ إلَّا فِرَاقُك. اهـ.

وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ الْجَوَابَيْنِ أَنْظَارٌ ظَاهِرَةٌ فَالْوَجْهُ إفْتَاءُ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ أَمَّا إفْتَاءُ الْأَوَّلِ بِالْوُقُوعِ بِمُجَرَّدِ الْغُدُوِّ لِبَيْتِ أَهْلِهَا فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ لَفْظَ الْمُعَلَّقِ اشْتَمَلَ عَلَى التَّعْلِيقِ بِشَيْئَيْنِ بِالْغُدُوِّ لِبَيْتِ أَهْلِهَا وَعَدَمِ فِرَاقِهَا فَانْحَلَّ كَلَامُ الزَّوْجِ حِينَئِذٍ إلَى أَنَّهُ قَالَ إنْ غَدَوْتِ لِبَيْتِ أَهْلِكِ وَلَمْ أُفَارِقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَمَتَى غَدَتْ إلَيْهِمْ وَفَارَقَهَا فَوْرًا أَوْ تَرَاخِيًا وَلَوْ بِطَلْقَةٍ رَجْعِيَّةٍ انْحَلَّتْ الثَّلَاثُ وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْهَا حَتَّى مَاتَ أَحَدُهُمَا وَقَعَتْ الثَّلَاثُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ وَأَمَّا إفْتَاءُ الثَّانِي بِأَنَّهُ مُعَلِّقٌ الطَّلَاقَ عَلَى عَدَمِ اسْتِمْرَارِهَا فَغَيْرُ ظَاهِرٍ فَإِنَّهُ إنَّمَا عَلَّقَهُ عَلَى الذَّهَابِ وَعَلَى عَدَمِ فِرَاقِهِ لَهَا بَعْدَ الذَّهَابِ وَقَوْل الثَّانِي الظَّاهِرُ الْفَرْقُ بَيْنَ إلَّا وَعَدَمِهَا غَيْرُ ظَاهِرٍ فَإِنَّ قَوْلَهُ إلَّا كَانَ فِرَاقُك فِيهِ تَعْلِيقُ الثَّلَاثِ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَمْرَيْنِ.

وَقَوْله كَانَ فِرَاقُك فِيهِ تَعْلِيقُهُ عَلَى مُجَرَّدِ ذَهَابِهَا إذْ الْمَعْنَى يَلْزَمُنِي الثَّلَاثُ إنَّ غَدَوْت لِأَهْلِك حَصَلَ الْفِرَاقُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لَوْ أَبْرَأَتْنِي فُلَانَةُ وَأَبُوهَا مِنْ صَدَاقِهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015