طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا فَقَالَ كَيْفَ قُلْت فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا مَا أُعَيِّدُ مَعَك فَقَالَ لَهُ قَدْ أَقْرَرْت أَنَّك لَمْ تَذْكُرْ مَا وَلَا الْعِيد فَقَالَ دُهِشْت مَا الْحُكْمُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مَتَى عَيَّدَ مَعَ زَوْجَتِهِ حَنِثَ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ غَالِبَ الظَّنِّ أَنَّهُ أَرَادَ مَا ذَكَرَ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ بَاطِنًا بِلَا شَكٍّ وَكَذَا ظَاهِرًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبُلْقِينِيُّ فِي فَتْوَاهُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّ صَخْرَةً بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ مُرْتَفِعَةٌ فِي الْهَوَاءِ بَيْن السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَحَلَفَ آخَرُ بِهِ أَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الْبِنَاءِ الَّذِي تَحْتَهَا مَا الْحُكْمُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ أَرَادَ الْأَوَّلُ بِارْتِفَاعِهَا فِي الْهَوَاءِ أَنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ بِالْبِنَاءِ الَّذِي بُنِيَ تَحْتَهَا حَنِثَ لِكَذِبِهِ فِي ذَلِكَ نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ فَحَلَفَ اعْتِمَادًا عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ لَمْ يَحْنَثْ وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الِاتِّصَالَ بِالْبِنَاءِ مَوْجُودٌ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى اتِّصَالِهَا بِالْبِنَاءِ وَحَلَفَ وَاحِدٌ أَنَّهَا مُعْتَمَدَةٌ عَلَيْهِ وَآخِر أَنَّهَا لَيْسَتْ مُعْتَمَدَةٌ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ أَمْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ يُحْتَمَلُ وُجُودُهُ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَحْنَثَ فِيهِ أَحَدُهُمَا لِأَنَّهُ تَحَكُّمٌ وَلَا هُمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا صَادِقٌ فَهُوَ كَمَسْأَلَةِ مَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ الطَّائِرُ غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَالَ آخَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَلَا يَحْنَثُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ظَاهِرًا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَانِثًا قَطْعًا لِعَدَمِ تَعْيِينِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ قِيلَ لَهُ يَا فُلَانُ أَطَلَّقْتَ زَوْجَتَك فَقَالَ طَلَّقْت طَلْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ لَهُ آخَرُ أَنْتَ طَلَّقْت ثَلَاثًا فَقَالَ الزَّوْجُ صَدَقْت بِكَلَامِك مَعَك عَلَيَّ شُهُودٌ فَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ طَلَّقَ ثَلَاثًا هَلْ هَذَا يَكُونُ إقْرَارًا مِثْل نَعَمْ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَوْلَهُ صَدَقْت كَنَعَمْ فَيَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ بِأَنَّهُ طَلَّقَ ثَلَاثًا فَيُؤَاخَذ بِهِ وَقَوْلُهُ بِكَلَامِك إلَخْ أَمَّا أَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ أَوْ لَهُ مَعْنًى بِأَنْ يُرِيدَ بِهِ رَفْعَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ صَدَقْت وَحِينَئِذٍ فَهُوَ تَعْقِيبُ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ فَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ بَلْ يُؤَاخَذُ بِمَدْلُولِ قَوْلِهِ صَدَقْت كَمَا تَقَرَّرَ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ قَالَتْ بَذَلْت صَدَاقِي عَلَى صِحَّةِ طَلَاقِي فَأَجَابَهَا بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا آخِرَ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ عُمْرِي فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَيَبْرَأُ مِنْ الصَّدَاقِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ آخِرَ جُزْءِ عُمْرِهِ فَلَا تَرِثُ مِنْهُ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ لِعَدَمِ اتِّصَالِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْبَذْلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّعْلِيقُ بِالثَّلَاثِ كَانَ رَجْعِيًّا لِعَدَمِ مُطَابَقَةِ جَوَابِهِ لِبَذْلِهَا لِأَنَّهَا طَلَبَتْ بِصِيغَةٍ تَقْتَضِي الطَّلَاقِ حَالًا فَأَجَابَهَا بِجَوَابٍ يَقْتَضِي الْوُقُوعِ قُبَيْلَ مَوْتِهِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ يَغْفُلُونَ عَنْ ذَلِكَ فَيُلَقِّنُونَهُ ذَلِكَ بَعْد أَنْ يُلَقِّنُوهَا الْبَذْلَ عَلَى الطَّلَاقِ آخِرَ عُمْرِهِ وَهُوَ لَا يُفِيدُ مَقْصُودَ الْمَرِيض مِنْ حِرْمَانِ الزَّوْجَةِ مِنْ الْإِرْثِ وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِعِدَّةِ الْوَفَاةِ وَلَوْ لَقَّنُوهَا بَذَلْت صَدَاقِي عَلَى تَعْلِيقِ طَلَاقِي بِآخِرِ أَجْزَاءِ حَيَاتِك فَفَعَلَ كَانَ بَائِنًا وَأَفَادَ الْمَقْصُودَ لِوُجُودِ الْمُطَابَقَةِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي آخِرِ الْعُمْرِ كَمَا ذَكَرَ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيّ عَنْ وَالِدِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ أَنَّهَا تَطْلُقُ حَالًا وَفِي الرَّوْضَةِ فِي تَعْلِيقِ مَا يَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ وَعَدَمِ الْبَرَاءَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ الْمُسْلِمِينَ عَمَّنْ قَالَ عَلَيَّ السَّبِيلُ مَا أَفْعَلُ كَذَا فَهَلْ هُوَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ عَمِلَ بِهِ وَإِلَّا كَانَ لَغْوًا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ نَظِيرُ مَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ الْحَلَالُ فَإِنَّهُ كِنَايَةُ وَكَذَا هَذَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذَا اُعْتِيدَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الطَّلَاقِ بِخِلَافِ عَلَيَّ السَّبِيلُ وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى عَلَيَّ الْحَقُّ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا لَمْ تَتَزَوَّجِي بِفُلَانٍ فَهَلْ تَطْلُقُ حَالًا أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي أَفْتَى بِهِ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَعُمَرَ الْفَتَى أَنَّهُ يَقَعُ حَالًا لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلُ الْبِرِّ وَمُسْتَحِيلُهُ يَقَعُ الطَّلَاق بِهِ حَالًا كَإِنْ لَمْ تَصْعَدِي السَّمَاء وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الشَّرَفُ ابْنُ الْمُقْرِي وَجَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَا يَقَعُ أَصْلًا وَأَطَالَ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى ذَلِكَ وَمَعَ ذَلِكَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَدَّرَ مَحْذُوفًا جَعَلَ بِهِ الْبِرَّ مُمْكِنًا فَقَالَ يُمْكِنُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثُمَّ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ وَتَتَزَوَّجُ فَالتَّقْدِيرُ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجِي بَعْدَ طَلَاقِي إيَّاكِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ هَذَا التَّقْدِيرِ وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجِي بِفُلَانٍ شَرْطٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015