(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ بِنِيَّتِهِ لَا بِعُرْفِ أَهْلِ بَلْدَة فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ فَقَطْ كَانَ رَجْعِيًّا وَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ لَمْ تَحِلَّ لَهُ بِمُحَلَّلٍ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرُ الطَّلَاقِ.
(سُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ الْمُسْلِمِينَ عَمَّنْ قَالَ إلَّا دَخَلْت الدَّارَ طَلَّقْتُك فَهَلْ هُوَ تَعْلِيقٌ أَوْ لَغْوٌ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ وَعْدٌ فَيَكُونُ لَغْوًا نَعَمْ إنْ ذَكَرَ قَبْلَهُ قَدْ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً كَانَ تَعْلِيقًا لِانْسِلَاخِهِ عَنْ الْوَعْدِ حِينَئِذٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رَجُلٍ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَحَنِثَ وَلَهُ زَوْجَتَانِ فَهَلْ تَطْلُقَانِ أَوْ إحْدَاهُمَا مُبْهِمًا فَيُعَيِّنُ وَلَوْ مَنْ مَاتَتْ مِنْهُمَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا تَطْلُقُ إلَّا إحْدَاهُمَا كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا بَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالَةِ التَّعْلِيقِ فَلَهُ تَعْيِينُ الْمَيِّتَةِ وَفِي التَّوَسُّطِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ مَا يُوَافِقُهُ لَكِنْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ تَعْيِينُ الْحَيَّة نَظَرًا لِحَالِ الْوُقُوعِ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعَيِّنْ زَوْجَةً وَقَعَ عَلَى الْمَوْجُودَةِ حَالَ وُجُودِ الصِّفَةِ لِتَعَذُّرِهِ فِي غَيْرِهَا وَقَضِيَّةُ الْأَوَّلِ أَنَّهُمَا إذَا بَقِيَتَا جَازَ لَهُ تَعْيِينُ إحْدَاهُمَا لِلْيَمِينِ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ وَاسْتِدْلَالُهُ فِي التَّوَسُّطِ بِكَلَامِ الشَّامِلِ وَقَضِيَّة الثَّانِي خِلَافُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(سُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ الْمُسْلِمِينَ فِي امْرَأَةٍ خَرَجَتْ مِنْ دَارِ زَوْجِهَا فَقَالَ إلَّا لَمْ تَرْجِعْ فَهِيَ طَالِقٌ فَتَطْلُقُ بِمَاذَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ مَاتَتْ قَبْلَ الرُّجُوع طَلُقَتْ قَبْل مَوْتِهَا أَوْ الزَّوْجُ أَوْ هُمَا لَمْ تَطْلُقْ كَذَا فِي التَّوَسُّطِ وَقَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْبِرُّ لَا فَرْقَ بَيْن أَنْ يُفْعَلْ فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ الْبَيْنُونَةِ بِخِلَافِ مَا بِهِ الْحِنْثُ فَعَلَيْهِ لَوْ مَاتَ ثُمَّ مَاتَتْ وَلَمْ تَرْجِعْ وَقَعَ الطَّلَاقُ قُبَيْلَ مَوْتِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ شَهِدَ بِأَنَّهُ سَرَّحَ زَوْجَتَهُ فَهَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ سَرَّحَ رَأْسَهَا ذَكَرَهُ أَبُو زُرْعَةَ.
(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَبَرَكَتِهِ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أُنْثَيَاك طَالِقٌ فَهَلْ تَطْلُقُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي يُتَّجَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ أَنَّ لَهَا أُنْثَيَيْنِ بِقَوْلِ أَهْلِ الطِّبِّ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ عَدَمَ الْوُقُوعِ وَمَنْ أَطْلَقَ الْوُقُوعَ مُحْتَجًّا بِأَنَّ لَهَا أُنْثَيَيْنِ دَاخِل الْفَرْجِ إحْدَاهُمَا لِلشَّعْرِ وَالْأُخْرَى لِلْمَنِيِّ كَمَا فِي الرَّجُلِ.
(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ طَلَب فِي لَيْلَةٍ غَشَيَانَ زَوْجَتِهِ وَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا فَامْتَنَعَتْ وَقَالَتْ لَهُ حَلَفْتُ أَنَّك مَا تَأْتِنِي اللَّيْلَةَ فَقَالَ لَهَا كَفِّرِي عَنْ يَمِينِك وَمَكِّنِينِي وَعَلَيَّ كَفَّارَتُهَا وَإِلَّا أَحْلِفُ أَنَا يَمِينًا لَا تُكَفِّرُ فَلَمْ تُمَكِّنْهُ فَقَالَ لَهَا إلَّا لَمْ تُمَكِّنِينِي اللَّيْلَةَ مِنْ نَفْسِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَاقِي مَا بَقِيَ وَلَمْ يُعَيِّنْ فِي كَلَامِهِ بَاقِي اللَّيْلَةِ أَوْ بَاقِي الشَّهْرِ أَوْ بَاقِي السَّنَةِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَمَضَتْ اللَّيْلَةُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاق الثَّلَاثُ أَمْ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَخْرَجٌ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ بِقَوْلِ اللَّيْلَةَ وَقَوْله بَاقِي مَا بَقِيَ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ ظَرْفٌ لِتُمَكِّنَنِي وَأَرَادَ بِهِ زَمَنًا مُعَيَّنًا أَكْثَرَ مِنْ بَقِيَّةِ اللَّيْلَةِ كَانَ مُنَاقِضًا لِقَوْلِهِ اللَّيْلَةَ فَيَلْغُو وَكَذَا إنْ أَرَادَ أَنَّهُ ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ طَالِقٌ لِأَنَّ فِيهِ تَوْقِيتًا لِلطَّلَاقِ وَهُوَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ عَمَّنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قُبَلَ مَوْتِي بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ طَلُقَتْ قُبَيْلَ مَوْتِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيّ فَقَالَ وَمَا ذُكِرَ مِنْ فَتْحِ بَاءِ قَبْلَ غَلَطٌ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ وَإِنَّمَا فِيهِ ضَمُّ الْبَاءِ وَإِسْكَانُهَا وَهُوَ الدُّبُرُ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَبِأَنَّ الرَّافِعِيَّ وَابْنِ الرِّفْعَة لَمْ يَتَعَرَّضَا إلَّا لِضَمِّ الْقَاف فَقَطْ. اهـ.
وَرَدَّهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنْ قَبْلَ هُنَا لَيْسَتْ نَقِيضَةَ بَعْدٍ بَلْ بِمَعْنَى مَا يُسْتَقْبَلُ فَمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ قَبْل مَوْتِي أَيْ عِنْد اسْتِقْبَالِهِ وَذَلِكَ قُبَيْلَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَزْهَرِيّ قَالَ وَفِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَسَرَ الْقَافَ أَيْضًا طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ. اهـ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِي رَدِّهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِسْنَوِيّ لَمْ يَجْعَلْ قَبْلَ نَقِيضِهِ بَعْدَ بَلْ جَعَلَهَا نَقِيضَةَ الدُّبُرِ ثُمَّ قَالَ عَلَى أَنَّ الضَّبْطَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَزْهَرِيِّ. اهـ.
فَمَا الَّذِي تَعْتَمِدُونَهُ وَهَلْ عَنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ جَوَابٌ شَافٍ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ الْآن مُتَرَدِّدَةٌ بَيْن أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى