غَيْرَ زَوْجَتِهِ وَأَمَّا ابْنَتُك وَإِحْدَاكُمَا وَأَنْتِ فَلَيْسَ عَلَمًا وَإِنَّمَا هُوَ مُتَضَمِّنٌ لِلْوَصْفِيَّةِ فَكَانَ مُشْتَرَكًا وَضْعًا فَإِذَا قَالَ ابْنَتُك مَثَلًا طَالِقٌ كَانَ آتِيًا بِلَفْظٍ مُشْتَرَكٍ بَيْن زَوْجَتِهِ وَغَيْرِهَا يَتَنَاوَلُهُمَا تَنَاوُلًا وَاحِدًا وَعِنْد هَذَا التَّنَاوُلِ لَا مُخَصِّصَ فِيهِ غَيْرُ الْقَصْدِ فَقُبِلَتْ مِنْهُ دَعْوَى إرَادَةِ غَيْرِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ.
وَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ الْمُوَافَقَةُ لِلشَّرْعِ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يُطَلِّقُ غَيْرَ زَوْجَته وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلُ فِي صُورَةِ الْحَصَاةِ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ الطَّلَاقَ بِوَجْهٍ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ فَإِنَّهَا تَقْبَلُهُ فِي الْجُمْلَةِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَرَجُلٌ إحْدَاكُمَا طَالِقُ وَقَالَ أَرَدْت الرَّجُلَ لَمْ يُقْبَلْ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الْحَصَاةِ بِجَامِعِ اسْتِحَالَةِ قَبُولِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلطَّلَاقِ وَإِذَا قَالَ خَالَعْتُكِ إلَى رَقَبَةِ أَبِيك فَقَدْ أَتَى بِلَفْظٍ مُحْتَمِلٍ وَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ أَبَاهَا يَلْتَزِمُ لَهُ بِمَالٍ فِي مُقَابَلَةِ طَلَاقِهِ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَلْتَزِمَ لَهُ بِهِ فَوْرًا وَحِينَئِذٍ فَتَطْلُقُ بَائِنًا بِذَلِكَ الْمَالِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَإِلَّا فَبِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ أَنَّهُ خَالَعَهَا خُلْعًا مُنَجَّزًا وَأَنَّهَا بَعْدَهُ تَصِيرُ فِي رَقَبَةِ أَبِيهَا أَيْ عَلَيْهِ مُؤْنَتهَا طَلُقَتْ بِقَوْلِهِ خَالَعْتُكِ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَيَكُونُ رَجْعِيًّا فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ شَيْئًا أَوْ نَوَى وَلَمْ تَقْبَلْ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ وَأَمَّا إذَا أُضْمِرَ الْتِمَاسُ جَوَابِهَا فَقَبِلَتْ بَانَتْ وَلَزِمَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ وَهُوَ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِينَ لَكِنَّ الْمُصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمَالِ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ اللَّفْظِ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرَ فَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ لَا يَقَع بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ إلَّا بِالشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرْته وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْمَوْقِعُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ هُنَا لِأَنَّ لَفْظَهُ مُحْتَمِلٌ كَمَا تَقَرَّرَ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ احْتِمَالَيْهِ لَا يَقْتَضِي الْوُقُوعَ مُطْلَقًا بَلْ بِشَرْطٍ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودُهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ الْمُسْلِمِينَ عَمَّنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ مَعِي الْيَوْمَ وَإِلَّا فَبُكْرَةً أَوْ قَدَّمَ مَعِي عَلَى مُطَلَّقَةٍ مَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ إذَا قَالَ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ مَعِي الْيَوْمَ وَإِلَّا فَبُكْرَةً وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ مَا رَبَطَ بِهِ الطَّلَاقَ بِقَوْلِهِ مَعِي إلَى آخِرِهِ لَا مَعْنَى لَهُ يَتَبَادَرُ مِنْهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ لَهُ مَعْنًى فَهُوَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ حَالَ كَوْنِك مَعِي فَإِنْ لَمْ تَكُونِي مَعِي فَأَنْتِ طَالِقٌ بُكْرَة أَيْ غَدًا وَهَذَا مَعْنَى يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ فَإِذَا أَرَادَهُ قُبِلَ ثُمَّ إنْ وُجِدَتْ مَعِيَّتُهَا لَهُ ذَلِكَ الْيَوْمِ طَلُقَتْ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ مَعِيَّتُهَا لَهُ كَذَلِكَ طَلُقَتْ بِفَجْرِ غَدِهِ وَالْمُرَادُ بِالْمَعِيَّةِ مَا قَصَدَهُ بِهَا إنْ كَانَ لَهُ قَصْدٌ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا شَيْئًا فَالْمَدَارُ عَلَى الْمَعِيَّةِ الْعُرْفِيَّةِ لِأَنَّ الْمَعِيَّةَ لَا ضَابِطَ لَهَا فِي اللُّغَةِ فَرُجِعَ فِيهَا إلَى الْعُرْفِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ لَهَا ضَابِطًا فِي اللُّغَةِ وَهُوَ الْمُقَارَنَةُ فَالْمُقَارَنَةُ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْعُرْفِ لِأَنَّهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ فَوَجَبَ إنَاطَةُ الْحُكْمِ فِيهَا بِالْعُرْفِ وَإِنْ قُلْنَا بِمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مَا عَدَا الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ مِنْ تَقْدِيمِ اللُّغَةِ عَلَى الْعُرْفِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(مَسْأَلَة) قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَهُوَ سَاكِنٌ هُوَ وَإِيَّاهَا بِعُلْوِ الدَّارِ مَتَى نَزَلْت إلَى أَسْفَلِ الدَّارِ بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَمُرَادُهُ بِأَسْفَلِهَا الْحَوْشُ وَصِفَةُ الْمَجْلِسِ الَّذِي هُوَ بِعُلُوِّهِ ثُمَّ تَشَاجَرَا فَقَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَإِنَّ عَازِمَةٌ إلَى بَيْتِ وَالِدَتِي فَقَالَ لَهَا إلَّا كُنْت تَعْزِمِي مُفَاتَنَةً فَقَدْ أَذِنْت لَك وَإِنْ كُنْت تُرِيدِي الطَّلَاقَ فَقَدْ عَرَفْت الْيَمِينَ الَّتِي حَلَفْتهَا فَخَرَجَتْ إلَى بَيْتِ وَالِدَتِهَا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ يُرْجَعُ إلَى إرَادَتِهَا؟
(فَأَجَابَ) إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ إنْ كُنْت تَعْزِمِي مُفَاتَنَةً فَقَدْ أَذِنْت لَك تَنْجِيزَ الْإِذْنِ لَهَا بِشَرْطِ أَنَّهَا تَنْزِلُ لِلْخُرُوجِ مُفَاتَنَةً فَنَزَلَتْ لِلْخُرُوجِ مُفَاتَنَةً لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ فَتُعْتَبَرُ نِيَّتُهَا حَالَ النُّزُولِ إلَى أَسْفَلِ الدَّارِ وَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ تَعْلِيقَ الْإِذْنِ عَلَى خُرُوجِهَا مُفَاتَنَة وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ مُطْلَقًا حَالَ النُّزُولِ لِلْخُرُوجِ فَوُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَوَقَعَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فَسَأَلَ آخَرُ عَنْهَا أَهِيَ زَوْجَته أَمْ لَا فَقَالَ هِيَ مُخْرَجَةٌ وَفِي بَلَدٍ عُرْفُهُمْ أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ هِيَ مُخْرَجَةٌ فَهِيَ الْبَيْنُونَةُ الْكُبْرَى فَهَلْ تَحِلُّ لَهُ بَعْد هَذَا الْإِقْرَارِ الصَّادِرِ مِنْهُ بِغَيْرِ مُحَلِّلٍ وَلَا يُلْتَفَتُ لِعُرْفِ بَلَدِهِ أَمْ لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْد زَوْجٍ عَلَى عُرْفِ أَهْلِ بَلَدِهِ