فَرُجِعَ فِيهِ إلَى نِيَّتِهِ فَإِنْ نَوَاهَا وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا.

وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْتُهُ قَوْلُهُمْ لَوْ قِيلَ لَهُ طَلِّقْ امْرَأَتَك فَقَالَ طَلَّقْت أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ طَلَّقْت وَقَعَ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى السُّؤَالِ فِي الْأُولَى وَالتَّفْوِيضِ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً طَلَّقْت لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَإِنْ نَوَى امْرَأَتَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ وَلَا دَلَالَةٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ امْرَأَتِي وَنَوَى الطَّلَاق ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرَتْهُ لِأَنَّ تَقَدُّمَ ذِكْرِهَا أَغْنَى عَنْ الِاحْتِيَاج إلَى ذِكْرِ ضَمِيرِهَا بَعْد طَلَّقْت وَأَوْجَبَ الِاكْتِفَاءَ بِهِ خَالِيًا عَنْ الضَّمِيرِ ظَاهِرًا فَإِذَا كَانَ تَقَدُّمُ ذِكْرِ الْمَرْأَةِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ اسْمِهَا بِالصَّرِيحِ وَالضَّمِيرِ فَمِنْ بَابٍ أَوْلَى إنْ تَقَدُّمَ ذِكْرِهَا يُعَيِّنُ رُجُوعَ الْوَاقِعِ بَعْده إلَيْهَا فَإِنْ قُلْت دَلَالَةُ هَذَا صَرِيحَةٌ فِيمَا ذَكَرْته إذَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا لَكِنَّ مَا قَالَاهُ فِي طَلَّقْت ابْتِدَاءً مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ ابْتِدَاءً.

وَإِنْ نَوَاهَا يَرُدُّ مَا قُلْته فِي هِيَ طَالِقٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَقَدَّمَ لَهَا ذِكْرٌ قُلْت لَا يَرُدُّهُ لِأَنَّ طَلَّقْت خَلَا عَمَّا يُمْكِنُ رُجُوعُهُ لِلْمَرْأَةِ إذْ لَيْسَ فِيهِ لَفْظٌ يَرْجِعُ عَلَيْهَا حَتَّى تَصِحَّ إرَادَتُهَا مِنْهُ بِخِلَافِ هِيَ طَالِقٌ فَإِنَّ هِيَ ضَمِيرٌ مَوْجُودٌ فِي اللَّفْظِ وَالضَّمِيرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَرْجِعٌ فِي اللَّفْظِ يَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مَعْهُودٍ فَلَمَّا صَحَّ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِ مَذْكُورٍ أَثَّرَتْ النِّيَّةُ فِيهِ وَأَمَّا طَلَّقْت فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ فَلَمْ تُؤَثِّرْ النِّيَّةُ فِيهِ كَمَا لَمْ تُؤَثِّرْ فِي امْرَأَتِي إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى الطَّلَاقِ بِوَجْهٍ فَلَمْ يُمْكِنُ تَأْثِيرُ النِّيَّةِ فِيهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هِيَ طَالِقٌ بَعْد تَقَدُّمِ ذِكْرِ الْمَرْأَةِ صَرِيحٌ وَمَعَ عَدَمِ تَقَدُّمِهِ كِنَايَةٌ فِي الزَّوْجَةِ وَعَلَيَّ الْحَرَامِ وَإِنْ خَرَجْت مَا تَكُونِي لِي بِامْرَأَةٍ وَكُلَّمَا حَلَلْت حَرُمْت كِنَايَاتٌ فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ طَلُقَتْ إذَا وُجِدَ الْخُرُوجَ أَوْ عَدَمُهُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا لِأَنَّهُ إذَا نَوَى بِتِلْكَ الْأَلْفَاظ أَوْ بِاللَّفْظَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ الطَّلَاقَ كَانَ مَعْنَى كَلَامِهِ إنْ خَرَجْت وَلَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا خَرَجَتْ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا طَلُقَتْ وَإِنْ خَرَجَتْ فَطَلَّقَهَا لَمْ تَطْلُقْ زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ.

وَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ مِنْ السَّبْعِ الْمُحْرِمَات وَأَرَادَ بِهِنَّ السَّبْعَ الْمَذْكُورَاتِ فِي قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] الْآيَةُ كَانَ بِمَعْنَى أَنْت عَلَيَّ كَأُمِّي أَوْ كَأُخْتِي وَمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ ذَلِكَ كَانَ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ وَالظِّهَار فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ طَلُقَتْ أَوْ الظِّهَارَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِشَرْطِ الْعَوْدِ وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ وَطْئِهَا أَوْ فَرْجِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَطْلَقَ ذَلِكَ أَوْ أَقَّتَهُ كُرِهَ وَلَمْ تُحَرَّمْ عَلَيْهِ لَكِنْ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ وَكَذَا يُكْرَهُ وَلَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ وَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَالِ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا هَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ لِي لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْ السَّبْعِ الْمُحْرِمَاتِ يُشْبِهُ قَوْلَهُ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ فَأَعْطَيْنَاهُ حُكْمه عِنْد الْإِطْلَاق بِخِلَافِ أَنْت كَأُمِّي فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْتِ مِثْلُهَا فِي الْإِكْرَامِ وَالِاحْتِرَامِ فَلِذَا لَمْ يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ عِنْد الْإِطْلَاقِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ وَبَرَكَته عَمَّنْ قَالَ أَنْتِ أَوْ هِيَ طَالِقٌ وَكَانَ فِي يَدِهِ حَصَاةٌ فَأَلْقَاهَا حِينَ الْقَوْلِ وَقَالَ مَا قَصَدْتُ إلَّا الْحَصَاةَ مَا الْحُكْمُ وَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ وَأَجْنَبِيَّةٌ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَقَالَ مَا قَصَدْتُ إلَّا الْأَجْنَبِيَّةَ أَوْ كَانَ اسْمُهَا وَالْأَجْنَبِيَّةُ مُتَوَافِقَيْنِ وَقَالَ فُلَانَةُ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ مَا قَصَدْتُ إلَّا الْأَجْنَبِيَّةَ مَا الْحُكْمُ وَلَوْ قَالَ خَلَعْتُك إلَى رَقَبَةِ أَبِيك مَا حُكْمُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يُصَدَّقُ فِي قَوْله مَا قَصَدْتُ إلَّا الْحَصَاةَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ فِي نَظِيرِهِ وَفِي قَوْلِهِ مَا قَصَدْتُ إلَّا الْأَجْنَبِيَّةَ يُقْبَلُ فِي صُورَةِ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا كَانَتَا حَاضِرَتَيْنِ كَمَا لَوْ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَقَالَ مَا قَصَدْتُ إلَّا الْأَجْنَبِيَّةَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِهِ فِي صُورَةِ زَيْنَبُ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ.

وَأَمَّا مَا فِي الرَّوْضَة وَأَصْلِهَا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا إذَا قَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت زَيْنَبَ أُخْرَى غَيْرَ زَوْجَتِي فَهُوَ ضَعِيفٌ فَقَدْ قَالَ بَعْد ذَلِكَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ عَدَمُ الْقَبُولِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْن هَذَا وَمَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ لِأُمِّ زَوْجَتِهِ ابْنَتُك طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت ابْنَتَك الْأُخْرَى قُبِلَ بِأَنَّ قَوْله زَيْنَبُ طَالِقُ لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ وَضْعًا إذْ هُوَ عَلَمٌ وَالْعَلَمُ إنَّمَا وُضِعَ لِيُعَيِّنَ مُسَمَّاهُ تَعْيِينًا خَاصًّا لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَأَمَّا وُقُوعُ الِاشْتِرَاكِ فِيهِ فَلَيْسَ وَضْعًا فَقَوْلُهُ زَيْنَبُ طَالِقٌ لَا يَنْصَرِفُ لِغَيْرِ زَوْجَتِهِ وَضْعًا وَكَذَا شَرْعًا إذْ الرَّجُلُ لَا يُطَلِّقُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015