إلَى بَيْتٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ خَرَجَتْ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ هَلْ تَطْلُقُ أَمْ لَا وَإِذَا خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ بِلَا إذْن وَقُلْتُمْ تَطْلُقُ رَجْعِيَّةً فَإِذَا رَاجَعَهَا ثُمَّ أَذِنَ لَهَا بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ أَنْ تَخْرُجَ مَتَى شَاءَتْ هَلْ تَطْلُقُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِذْن فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَوْضِحُوا لَنَا ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) إذَا قَالَ إنْ خَرَجْت مِنْ بَيْتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِالْخُرُوجِ وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فَإِنْ قَالَ إنْ خَرَجْت مِنْ غَيْرِ إذْنِي فَخَرَجَتْ بِإِذْنِهِ لَمْ تَطْلُق وَإِنْ ذَهَبْت إلَى الْبَيْتِ الَّذِي لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِيهِ وَإِنْ قَالَ إنْ خَرَجْت مِنْ غَيْرِ إذْنِي إلَى بَيْتِ فُلَانَةَ فَأَذِنَ لَهَا فِيهِ فَخَرَجَتْ إلَى غَيْرِهِ طَلُقَتْ وَإِذَا خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ وَطَلُقَتْ ثُمَّ رَاجَعَهَا فَخَرَجَتْ بِلَا إذْن أَيْضًا لَمْ تَطْلُقْ بِالْخُرُوجِ الثَّانِي لِأَنَّ الصِّفَةَ انْحَلَّتْ نَعَمْ إنْ قَالَ كُلَّمَا خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي طَلُقَتْ بِالْخُرُوجِ الثَّانِي بِغَيْرِ إذْنِهِ طَلْقَةً ثَانِيَةً وَثَالِثًا طَلْقَةً ثَالِثَة وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ لَهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَى أَنْ لَا يُسَافِرَ أَوْ لَا يَبِيعَ لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِوَكِيلِهِ فِي هَذَا الشَّهْرِ ثُمَّ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ فِي الشَّهْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَفَعَلَهُ فَهَلْ تَطْلُقُ بِغُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ الْمَحْلُوفِ فِيهِ أَمْ لَا فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ قَبْل انْفِسَاخِ الشَّهْرِ وَرَاجَعَهَا بِشُرُوطِهِ قَبْلَ انْفِسَاخِ الشَّهْرِ الْمَحْلُوفِ فِيهِ ثُمَّ سَافَرَ أَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ فِيهِ هَلْ تَبِينُ مِنْهُ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ لَا وَحَكَمَ شَافِعِيٌّ بِعَدَمِ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِي حُكْمِهِ لِعَدَمِ عَوْدِ الصِّفَةِ فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ أَمْ لَا بُدّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهَا فِي حُكْمِهِ احْتِرَازًا مِمَّنْ يَرَى بِهَا أَوْضِحُوا لَنَا ذَلِكَ.
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا قَيَّدَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بِمُدَّةٍ كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ لَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا فِي هَذَا الشَّهْرِ ثُمَّ خَالَعَ قَبْل فَرَاغِهِ تَخَلَّصَ مِنْ الْحِنْثِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَوَّلًا وَوَافَقَهُ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ وَنُظَرَائِهِ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيّ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ الْحِنْثَ إنَّمَا يَحْصُلُ فِيمَا ذُكِرَ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ الْمَجْعُولِ ظَرْفًا لِلْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إذْ الْخُرُوج عَنْ عُهْدَةِ الْحَلِفِ مُمْكِنٌ لِإِمْكَانِ الْإِتْيَانِ بِالصِّفَةِ وَمَتَى كَانَتْ مُمْكِنَةً لَا يَسْتَنِد الْوُقُوعُ إلَى مَا قَبْل الْفِعْلِ لِإِمْكَانِهِ بَعْدَهُ بَلْ إلَى آخِرِ زَمَنٍ يَتَحَقَّقُ انْتِفَاؤُهُ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَالصِّفَةُ مَوْجُودَةٌ وَلَا نِكَاحَ فَلَا يَتَبَيَّنُ فَسَادُ الْخُلْعِ وَفَرَّقَ بَيْن هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ الْآتِيَةِ فَيَتَحَقَّقُ الْحِنْثُ فِيهَا فِي الزَّمَنِ الَّذِي يُؤَاخَذُ فِيهِ بِالْحِنْثِ وَاعْتَمَدَ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَبِ الِانْتِفَاعُ بِالْخُلْعِ مُطْلَقًا حَتَّى لَا يَحْنَثَ.
وَاسْتُشْهِدَ لَهُ بِإِفْتَاءِ التَّاجِ الْفَزَارِيِّ فِيمَنْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُ أَخَاهُ ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُخَالِعُ وَلَا يُوَكِّلُ بِأَنَّ طَرِيقَهُ أَنْ يُخَالِعَ ثُمَّ لَا يَحْنَثُ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ بِالْخُلْعِ فَيَسْتَحِيلُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ وَيُوَافِقُهُ إفْتَاءُ الْجَلَالِ الْبُلْقِينِيُّ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُخَالِعُ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَعْنِي بِسَبَبِ يَمِينِ الْخُلْعِ لِلْبَيْنُونَةِ بِهِ وَأَيَّدَ السُّبْكِيّ ذَلِكَ بِظَاهِرِ قَوْل الشَّيْخَيْنِ لَوْ قَالَ إلَّا لَمْ تَخْرُجِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَالَعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مِنْ اللَّيْلِ وَجَدَّدَ النِّكَاحَ وَلَمْ تَخْرُجْ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ مَحَلُّ الْيَمِينِ فَلَمْ يَمْضِ وَهِيَ زَوْجَتُهُ وَقَوْلُهُمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ تُفَّاحَتَانِ فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ إلَّا لَمْ تَأْكُلِي هَذِهِ التُّفَّاحَةَ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقُ وَلِأَمَتِهِ إلَّا لَمْ تَأْكُلِي هَذِهِ الْأُخْرَى الْيَوْمَ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَاشْتَبَهَتَا تَخَلَّصَ بِخُلْعِهِمَا ذَلِكَ الْيَوْمَ ثُمَّ يُعِيدُهَا أَيْ وَلَوْ بَعْد التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَكْلِ وَبِبَيْعِ الْأَمَةِ كَذَلِكَ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا لَكِنَّ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَصَوَّبَهُ وَوَافَقَهُ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا سَقَى اللَّهُ تَعَالَى عَهْدَهُ أَنَّهُ لَا يَتَخَلَّصُ بِالْخُلْعِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بَلْ يَنْظُرُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى انْقَضَى الشَّهْرُ بَانَ حِنْثُهُ قَبْل الْخُلْعِ وَبُطْلَانِ الْخُلْعِ وَيُؤَيِّدُهُ الْحِنْثُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ فَتَلَف فِي الْغَدِ بَعْد التَّمَكُّنِ مِنْ أَكْلِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ أَوْ أَنَّهَا تُصَلِّي الْيَوْمَ الظُّهْرَ فَحَاضَتْ فِي وَقْتِهِ بَعْد تَمَكُّنِهَا مِنْ فِعْلِهِ وَلَمْ تُصَلِّ أَوْ لَتَشْرَبْنَ مِنْ مَاءِ هَذَا الْكُوزِ فَانْصَبَّ بَعْد إمْكَانِ شُرْبِهِ.
وَنَظَائِرُ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِمْ كَثِيرَةٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَمَسْأَلَتَيْ الشَّيْخَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ يَتَّضِحُ بِمَا حَقَّقَهُ السُّبْكِيّ فَإِنَّهُ فَرَّقَ بَيْن إنْ لَمْ أَفْعَلْ وَلَأَفْعَلَنَّ فَإِنَّ الْأَوَّلَ تَعْلِيقٌ عَلَى الْعَدَمِ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْآخَرِ فَإِذَا صَادَفَهَا الْآخَرُ بَائِنًا لَمْ تَطْلُقْ كَمَا فِي فَرْعَيْ الشَّيْخَيْنِ إذْ لَيْسَ لِلْيَمِينِ فِيهِمَا كَنَظَائِرِهِمَا إلَّا جِهَةُ حِنْثٍ