أَلْبَتَّةَ فَالْأَوْجَهُ وُقُوعُهُ رَجْعِيًّا مُطْلَقًا. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) فِي رَجُل وَكَّلَ آخَرَ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَطَلَّقَهَا بَعْد أَنْ قَالَتْ بَذَلْت صَدَاقِي عَلَى صِحَّةِ طَلَاقِي فَهَلْ يَقَعُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يَقَعُ رَجْعِيًّا لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَأْمُورِ فِيهِ مِنْ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ حَتَّى يَكُونَ مُخَالِفًا لِمُوَكِّلِهِ وَمُفَوِّتًا لِغَرَضِهِ مِنْ بَقَاءِ الرَّجْعَةِ وَلَا يَبْرَأُ حِينَئِذٍ الزَّوْجُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ فِي مُقَابَلَةِ الْبَذْلِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) فِيمَا لَوْ قَالَتْ بَذَلْت صَدَاقِي عَلَى صِحَّةِ طَلَاقِي فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ فَهَلْ تَطْلُق بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا أَوْ لَا تَطْلُقُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَتِلْمِيذُهُ الرَّدَّادُ وَالطَّيِّبُ النَّاشِرِيّ بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ وَقَالَ آخَرُونَ لَا تَطْلُقُ بَائِنًا وَقَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ وَإِسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيِّ نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِمَا إنْ أَرَادَ اسْتِئْنَافَ بَرَاءَةٍ لَمْ تَطْلُق وَإِلَّا طُلِقَتْ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِذَا قُلْنَا تَطْلُقُ طَلُقَتْ بَائِنًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ إلَّا أَبْرَأْتِنِي مِنْ صَدَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ أَنْتَ بَرِئَ عَلَى صِحَّةِ الطَّلَاقِ فَهَلْ تَطْلُقُ؟
(فَأَجَابَ) نَعَمْ تَطْلُقُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عُجَيْلٍ لَكِنْ خَالَفَهُ الْكَمَالُ الرَّدَّادُ فَقَالَ لَا تَطْلُقُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَه.
(وَسُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَلَمْ يُعْطِهَا مُتْعَةً وَاجِبَةً ثُمَّ أَعَادَهَا ثُمَّ قَالَ إلَّا أَبْرَأْتِنِي مِنْ جَمِيعِ مَا تَسْتَحِقِّينَهُ عَلَيَّ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِ مُتْعَةٌ فَهَلْ يَقَعُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهَا وَهِيَ الْبَرَاءَةُ مِنْ جَمِيعِ مَا لَهَا عَلَيْهِ لَمْ تُوجَدْ وَلَا نَظَرَ لِخُطُورِ ذَلِكَ بِبَالِهِ أَوْ لَا نَعَمْ إنْ أَرَادَ الْبَرَاءَةَ مِنْ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ دُون غَيْرِهِ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ بَرَاءَةً صَحِيحَةً وَقَعَ بَائِنًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَبْرَأْتِنِي مِنْ مَهْرِك وَإِنْ لَمْ تُبْرِئِي فَهَلْ يَقَعُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي يُتَّجَهُ فِي ذَلِكَ الْوُقُوعُ حَالًا لِأَنَّ مَدْلُولَهُ الْوُقُوعُ أَبْرَأَتْ أَوْ لَا لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ لَمْ تُبْرِئُ مُطْلَقًا فَإِنْ أَرَادَ التَّعْلِيقَ بِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ بِمَعْنَى أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ أَحَدُهُمَا طَلُقَتْ قَبْلُ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلهُ فَإِنْ أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةً صَحِيحَةً مَعَ عِلْمِهِمَا بِالْمُبَرَّإِ مِنْهُ طَلُقَتْ بَائِنًا وَإِنْ لَمْ تُبْرِئْهُ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةً فَاسِدَةً لَمْ تَطْلُقْ إلَّا عِنْد الْيَأْسِ قُبَيْلَ مَوْتِهَا وَلِلْفَتَى وَتِلْمِيذِهِ الرَّدَّادِ كَلَامٌ فِي ذَلِكَ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْته، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) فِيمَا لَوْ شَهِدَ عَلَى امْرَأَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ رَآهَا مُسْفِرَةً فَهَلْ يُقْبَلُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لِلرُّويَانِيِّ فِيهِ احْتِمَالَانِ رَجَّحَ مِنْهُمَا عَدَمَ الْقَبُولِ لِأَنَّ الْغَالِبَ سَتْرُ وُجُوهِهِنَّ قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَة سُئِلَتْ) عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ خَالَعْتك بِمِائَةِ دِينَارٍ فَقَالَتْ قَبِلْت فَسَأَلَهَا الْمِائَةَ فَقَالَتْ مِمَّ هِيَ فَقِيلَ لَهَا إنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْك بِالْقَبُولِ فَقَالَتْ أَنَا لَمْ أَرْضَ بِبَذْلِ عِوَضٍ وَادَّعَتْ أَنَّهَا لَا تَعْرِفَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْعِوَضُ بِهَذَا اللَّفْظِ مَا الْحُكْمُ (فَأَجَبْت) بِقَوْلِي الَّذِي يُتَّجَهُ فِي ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ نَظَائِرَ ذَكَرُوهَا أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مُخَالِطَةً لِأَهْلِ الْمُدُنِ وَالْقُرَى الَّذِينَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا دَعْوَاهَا الْمَذْكُورُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَتَلْزَمُهَا الْمِائَةُ وَإِنْ نَشَأَتْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعَارِفِينَ بِذَلِكَ قُبِلَتْ مِنْهَا هَذِهِ الدَّعْوَى فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَلَا يَلْزَمُهَا مَال ثُمَّ رَأَيْت ابْن عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ فِي قَوَاعِدِهِ لَوْ نَطَقَ الْعَرَبِيُّ بِكَلِمَاتٍ عَرَبِيَّةٍ لَكِنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهَا فِي الشَّرْعِ لَا يُؤَاخَذُ بِشَيْءٍ إذْ لَا شُعُورَ لَهُ بِمَدْلُولِهِ حَتَّى يَقْصِدَ إلَى اللَّفْظِ. اهـ.
وَرَأَيْت الزَّرْكَشِيّ نَظَرَ فِيهِ وَبِتَأَمُّلِ مَا قَرَّرَتْهُ مِنْ التَّفْصِيلِ يُعْلَمُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى غَيْرِ الْمُخَالِطِ وَالزَّرْكَشِيِّ عَلَى الْمُخَالِطِ وَحِينَئِذٍ اتَّضَحَ مَا قَالَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْأَوَّلَ قَائِلٌ بِإِطْلَاقِ الْقَبُولِ وَالثَّانِي قَائِلٌ بِإِطْلَاقِ عَدَمِهِ لَمْ يَكُنْ لِمَا قَالَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَجْهٌ بَلْ الصَّوَابُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ الْمَأْخُوذِ مِنْ نَظَائِرِ ذَلِكَ فِي أَبْوَابٍ شَتَّى مَا ذَكَرْته فِي ذَلِكَ مِنْ التَّفْصِيلِ فَافْهَمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَنْ اعْتَمَدَ إطْلَاقَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ إنَّ تَنْظِيرَ الزَّرْكَشِيّ فِيهِ لَا مَعْنًى لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ التَّأَمُّلِ وَاسْتِحْضَارِ تِلْكَ النَّظَائِرِ الَّتِي أَشَرْت إلَيْهَا.
(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إلَّا خَرَجْت مِنْ بَيْتِي بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا أَذِنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ