والغروب، وَهل الاسْتوَاء كَذَلِك وَمَا حِكْمَة خصوصيتهما؟ فَأجَاب بقوله: أخرج ابْن السّني بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا طلعتْ الشَّمْس قَالَ: (الْحَمد لله الَّذِي جَلَّلنا الْيَوْم عافيتَه وَجَاء بالشمس من مَطْلَعها، اللَّهُمَّ إِنِّي أصبحتُ أشهد بِكُل مَا شهدتَ بِهِ على نَفسك، وشهدتْ بِهِ ملائكتك وَحَملَة عرشك وَجَمِيع خلقك، أَنَّك أَنْت الله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت الْقَائِم بِالْقِسْطِ، لَا إِلَه إِلَّا أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم، اُكتب شهادتي بعد شَهَادَة ملائكتك وأولي الْعلم، ومَنْ لم يشهدْ بِمثل مَا شهِدت بِهِ فَاكْتُبْ شهادتي مَكَان شَهَادَته، اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام وَإِلَيْك السَّلَام أَسأَلك يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام أَن تَسْتَجِيب لنا دَعوتنَا، وَأَن تُعْطِينا رغبتنا، وأنْ تُغنينا عَمَّن أغنيته عَنَّا من خلقك، اللَّهُمَّ أصلح لي ديني الَّذِي هُوَ عصمَة أَمْرِي وَأصْلح دنياي الَّتِي فِيهَا معيشتي، وَأصْلح لي آخرتي الَّتِي إِلَيْهَا منقلبي) . وَأخرج ابْن السّني عَن مهْدي عَن وَاصل عَن أبي وَائِل أَن عبد الله قَالَ: يَا جَارِيَة انظري هَل طلعت الشَّمْس؟ قَالَت: لَا، ثمَّ قَالَ: وَاصل، فسبَّح ثمَّ قَالَ لَهَا ثَانِيَة: انظري هَل طلعت الشَّمْس؟ قَالَت: لَا، ثمَّ قَالَ لَهَا ثَالِثَة: طلعت الشَّمْس؟ فَقَالَت: نعم، فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي وهب لنا هَذَا الْيَوْم، وأقالنا فِيهِ عثراتنا. قَالَ مهْدي: وَأَحْسبهُ قَالَ: وَلم يعذبنا بالنَّار. وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب الْأَحْبَار رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ إِذا أفطر الصَّائِم يَعْنِي دخل اللَّيْل اسْتقْبل الْقبْلَة وَقَالَ: اللَّهُمَّ خلصني من كل مُصِيبَة نزلت من السَّمَاء ثَلَاثًا، وَإِذا طلع حَاجِب الشَّمْس قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَل لي بَينهمَا فِي كل مُصِيبَة نزلت اللَّيْلَة من السَّمَاء إِلَى الأَرْض حَسَنَة ثَلَاثًا، فَقيل لَهُ، فَقَالَ: دَعْوَة دَاوُد على نَبينَا وَعَلِيهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام، فليَنّوا بهَا أَلْسِنَتكُم واستقِرُّوها قُلُوبكُمْ، وَكَأن بَعضهم أَخذ مِنْهُ قَوْله: إِنَّه يُقَال عِنْد غرُوب الشَّمْس يَوْم الْجُمُعَة: اللَّهُمَّ صل على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آل سيدنَا مُحَمَّد وادفع عَنَّا الْبلَاء المُبْرَم من السَّمَاء إِنَّك على كل شَيْء قدير، يَقُول ذَلِك سبعا. وَأخرج ابْن السّني عَن عَمْرو بن عَنْبَسَة السّلمِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَا تستقل الشَّمْس فَيبقى شَيْء من خلق الله إِلَّا سبح الله عز وَجل وحمده إِلَّا مَا كَانَ من الشَّيْطَان وأغنياء بني آدم، فَسَأَلت عَن أَغْنِيَاء بني آدم فَقَالَ: شرار الْخلق) أَو قَالَ: (شرار خلق الله) . وَأخرج ابْن السّني عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لِأَن أَجْلِس مَعَ قوم يذكرُونَ الله عز وَجل من صَلَاة الْعَصْر إِلَى أَن تغرب الشَّمْس أحب إليّ من أَن أعتق ثَمَانِيَة من ولد إِسْمَاعِيل) . قَالَ لوين: كَانَ أنس إِذا حدث بِهَذَا الحَدِيث أقبل عليّ وَقَالَ: وَالله مَا هُوَ بِالَّذِي تصنع أَنْت وَأَصْحَابك وَلَكنهُمْ قوم يَتَحَلَّقُونَ بِالْحلقِ: أَي لطلب الْعلم وإقرائه. وَأخرج ابْن السّني أَيْضا عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: (أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَدي فَإِذا الْقَمَر حِين طلع قَالَ: تعوّذي بِاللَّه من شَرّ هَذَا الْغَاسِق إِذا وَقب) أَي غَابَ. وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن حبَان أَنه يقْرَأ يس عِنْد طُلُوع الشَّمْس. وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) أَنه يُقَال عِنْد غرُوب الشَّمْس: أعوذ بِكَلِمَات الله التامات من شَرّ مَا خلق. وَأخرج الديلمي عَن مُسْند الفردوس أَنه عِنْد الْغُرُوب يسبح سبعين مرّة ويستغفر سبعين مرّة. إِذا تقرر ذَلِك فَالظَّاهِر وَعَلِيهِ يدل مَا مر عَن ابْن عمر من أمره لِلْجَارِيَةِ بمراقبة الشَّمْس حَتَّى تطلع فتخبره أَن المُرَاد الْعلم بطلوعها وغروبها وَإِن لم يرهما، وَأَن الْأَذْكَار السَّابِقَة خَاصَّة بالطلوع والغروب دون كل رُؤْيَة وَعند اسْتِقْلَال الشَّمْس وَهُوَ قريب من استوائها. وَحِكْمَة تَخْصِيص هَذِه الْأَحْوَال الثَّلَاثَة بِتِلْكَ الْأَذْكَار السَّابِقَة أَن الطُّلُوع فِيهِ أول ظُهُورهَا فِي هَذَا الْعَالم، فَنَاسَبَ إِظْهَار الخضوع والذلة لله وَالثنَاء عَلَيْهِ بِهَذِهِ النِّعْمَة الْعُظْمَى الَّتِي أوجدها فِي هَذَا الْعَالم، إذْ لَو غَابَتْ الشَّمْس عَنْهُم دَائِما لتعطلت مَعَايشهمْ وفسدت أقواتهم، وسؤال الِاسْتِعَاذَة من الْعَذَاب الَّذِي استوجبه عابدهما بسجوده لَهما عِنْد طلوعهما وَالشَّهَادَة لله باستحقاقه لكل صفة كَمَال وتنزيهه عَن كل سمة نقص، بل وَعَن كل مَا لَا كَمَال فِيهِ وَلَا نقص ردّاً على عابدي الشَّمْس وإظهاراً لفساد عُقُولهمْ وسخافة آرائهم، وَأما الاسْتوَاء فَهُوَ وقتٌ تسعر جَهَنَّم وَكَانَ وَقت غضب فَنَاسَبَ التَّسْبِيح والتنزيه وَالثنَاء على الله تَعَالَى بجميل صِفَاته وعظيم آيَاته، وَالِاعْتِرَاف بِأَنَّهُ مَا من شَيْء إِلَّا وَهُوَ مسبحٌ حامدٌ لله تَعَالَى إِلَّا إِبْلِيس وجنده، وَالَّذين استحقوا ذَلِك الإبعاد للنار حينئذٍ حَتَّى يشْتَد عَلَيْهِم الْغَضَب إِذا دخلوها يَوْم الْقِيَامَة فَكَانَ فِي الذّكر الَّذِي عِنْد الاسْتوَاء غَايَة الْمُنَاسبَة لَهُ، وَأما عِنْد الْغُرُوب فَهُوَ وَقت إشرافها على الزَّوَال وذهابها إِلَى السُّجُود تَحت الْعَرْش كَمَا ورد فَنَاسَبَ أَن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015