خلاف مَا علم مِنْهُ فِي حَيَاته من الزّهْد وَالْعِبَادَة الخارقين للْعَادَة وَقد ظهر لَهُ من الكرامات مَا يُؤَيّد ذَلِك مِنْهَا مَا حَكَاهُ صَاحب الْقَامُوس أَنه لما فرغ من تأليف كِتَابه الفتوحات المكية جعله وَهُوَ ورق مفرق على ظهر الْكَعْبَة فَمَكثَ سنة لم تطير الرّيح مِنْهُ ورقة وَلَا وصلت إِلَيْهِ قَطْرَة مطر مَعَ كَثْرَة أمطارها ورياحها فسلامة تِلْكَ الأوراق من الْمَطَر وَالرِّيح مَعَ مكثها سنة على السَّطْح من الكرامات الباهرة الدَّالَّة على إخلاصه فِي تأليفه يَقْتَضِي التضليل كَقَوْلِه بِإِسْلَام فِرْعَوْن لِأَن هَذَا لَا يَقْتَضِي كفرا وَإِنَّمَا غَايَته أَنه خطأ فِي الِاجْتِهَاد وَهُوَ غير قَادِح فِي صَاحبه إِذْ كل من الْعلمَاء مَأْخُوذ من قَوْله ومردود عَلَيْهِ إِلَّا المعصومين وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمرجع والمآب وَقد تمّ الْكتاب بعون الْملك الْوَهَّاب وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا دَائِما إِلَى يَوْم الدّين آمين.
(يَقُول مصححه راجي عَفْو ربه العلى ... مُحَمَّد كَامِل بن مُحَمَّد الأسيوطي الْأَزْهَرِي)
يَا من بنعمته تتمّ الصَّالِحَات وبكريم فَضله تنشر البركات نَسْأَلك الْهِدَايَة لحمدك وَإِن كُنَّا عاجزين عَن الْخَوْض فِي لجج بحره المتلاطم والمعونة على شكر آلَائِكَ وَإِن جلت عَن الدُّخُول تَحت مَرَاتِب الْعد المتعاظم ونستجدي مِنْك وافر الصَّلَاة وعليّ التسليمات على سيدنَا مُحَمَّد أفضل الْمَخْلُوقَات الْآتِي فِي مَنْطِقه بِالْآيَاتِ الْبَينَات وعَلى آله وَصَحبه أولى المكرمات وَمن اتبع سبيلهم وارتشف من سحب معاليهم طلهم (أما بعد) فقد تمّ بِحَمْدِهِ تَعَالَى طبع كتاب الْفَتَاوَى الحديثية لبَقيَّة الْمُجْتَهدين وخاتمة الْمُحدثين من أَحْيَا بتأليفه رَمِيم التحقيقات وشيد بصنعه معالي الْفضل المندرسات شيخ الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين الشَّيْخ أَحْمد شهَاب الدّين بن حجر الهيتمي لَا زَالَت سحائب الغفران تمطر قَبره الْكَرِيم وَلَا برح يبزغ من شموس عرفانه كل آونة سَاطِع نفع عميم وَهُوَ كتاب حوى من الْفَوَائِد الحديثية وغرائب تَفْسِير الآى القرآنية وَحل مشكلات كَلَام أهل الْعرْفَان وَمن نَالَ من صفاء النَّفس ورسوخ الْقدَم فِي التصوف كل إتقان مَا يبهر الْعقل بصفاء أنواره ويخلص للروح عِنْد تبلج أسراره لم يحذ حَذْو مسلكه الشريف ناسج من برود الْفضل حلّه وَلم يتْرك لناظره من أسقام الْجَهْل فِي هَذِه الْفُنُون عله فَهُوَ لمؤلفه من آيَات التَّحْقِيق الدامغة لأباطيل خَفَاء ذكره المعلنة بعظيم مَحَله وكبير قدره وَقد تحلت طرره ووشيت غرره بِكِتَاب الدُّرَر المنتثره فِي الْأَحَادِيث المشتهرة لواسطة عقد الْمُحدثين وَبَيت قصيدة الْمُتَأَخِّرين من يَكْفِي اسْمه عَن التنويه بِشَأْنِهِ وتلوح من تباشير ذكره آيَات عرفانه شيخ الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين جلال الدّين السُّيُوطِيّ وَهَذَانِ الكتابان وَإِن عزت نسخهما وكادت يَد التبديل تعدم روحهما وَلَكِن لخلوص نِيَّة مؤلفيهما وَصدق عزيمتيهما قيض الله من كَبرت فِي الْخَيْر رغبته وصدقت فِي حب نشر الْمَنَافِع نِيَّته فَاحْضُرْ مَا عثر عَلَيْهِ من صَحِيح النّسخ وَمَا طَالَتْ يَد جلبه وَفِي الصِّحَّة قدمه رسخ وبذلت غَايَة الْجهد فِي تَصْحِيحه وتدبره وتنقيحه فجَاء بِحَمْد الله تقربه عين النَّاظر وتنشرح بِهِ الرّوح والخاطر وَذَلِكَ بمطبعة التَّقَدُّم العلمية بِمصْر المحمية بجوار سَيِّدي أَحْمد الدردير قَرِيبا من الْجَامِع الْأَزْهَر الْمُنِير وَذَلِكَ فِي أَوَائِل شهر ربيع الثَّانِي سنة 1346 هجرية على صَاحبهَا أفضل الصَّلَاة وأزكى التَّحِيَّة آمين.