الفاخر (صفحة 306)

ليخرجه فامتنع وقال: أترغب بهم عن مجالستي؟ فلما سمع سعيد ذلك قال: دعه.

وتذكروا الشعراء والشعر. فقال لهم: ما اصبتم جيد الشعر ولا شاعر الشعراء.

ولو أعطيتم القوس باريها وفقتم على ما تريدون! فقال له سعيد: وهل عندك من ذلك علم؟ قال: نعم: فمن أشعر العرب؟ قال: الذي يقول:

لا أعدُّ الإقتارِ عدماً ولكنْ ... فقدُ منْ قدْ رزينته الإعدامُ

ثم أنشده إياها حتى أتى عليها. قال: فمن يقولها؟ قال: أبو دؤاد الإيادي. قال: ثم من؟ قال: ثم الذي يقول:

أدركِ بما شئتَ فقد يدرك بالض ... ضعفِ وقد يخدعُ الأريبُ

ثم أنشدها حتى أتى على آخرها. قال: ومن يقول هذه؟ قال عبيد بن الأبرص.

وفي حديث آخر أنه قال حيث سئل الذي يقول:

فجاءتْ كتيتَ المشيِ هيَّابةَ السُّرى ... يدافعُ ركناها جواريَ أربعا

يزجَّينها مشىَ النَّزيفِ وقد جرى ... صبابُ الكرى في متنها فتقطَّعا

قال: ومن يقول ذلك؟ قال: امرؤ القيس. قال: ثم من؟ قال: والله حسبك بي عند رغبة أو رهبة، إذا رفعت إحدى رجلي على الأخرى ثم عويت في إثر القوافي كما يعوي الفصيل الصادر! قال: ومن أنت؟ قال الحطيئة. فرحب به سعيد وقال: أسأت بكتمانك نفسك، وقد علمت شوقنا إليك وإلى حديثك! ثم وصله وكساه. فقال يمدحه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015