أول من قال ذلك الحَكم بن عبد يَغوث المِنقَري. وكان أرْمَى أهل زمانه، وأنه آلى يميناً ليَذبَحنّ على الغَبغَب، ويقال: لَيَدِجَنَّ مهاةً، فحمل قوسه وكنانته فلم يصنع شياً يومه ذلك. فرجع كئيباً حزيناً وبات ليلته على ذلك. ثم خرج إلى قومه فقال: ما أنتم صانعون؟ فإني قاتل نفسي أسفاً إن لم أذبحها اليوم، أو قال أدِجهُها اليوم! فقال له الحُصين بن عبد يغوث أخوه: يا أخي دِجْ مكانها عشراً من الإبل. ويقال اذبح ولا تقتل نفسك. قال: لا. واللاَّتِ والعُزَّى لا أظلم عاتِرةً وأترك النافرة. فقال له ابنه مُطْعِم بن الحكم: يا أَبَه احملني معك أرفدك. فقال له أبوه: وما أحمل من رَعَشٍ وَهِلٍ جبانٍ فاشلٍ. فضحك الغلام وقال: إن لم تر أوداجها تُخالط أمشاجها فاجعلني وداجها. فانطلقا فإذا هما بمهاةٍ فرماها الحكَمُ فأخطأها، ثم مرت أخرى فرماها الحكَمُ أيضاً فأخطأها، ثم عرضت ثالثةٌ فقال ابنه: يا أبه أعطني القوس فأعطاه فرماها فلم يخطئها. فقال أبوه: ربَّ رَميَةٍ من غير رامٍ. فذهبت مثلاً.
أول من قال ذلك اللُّجيج بن شُنيف اليربوعي. وكان غدا يوماً في طلب القنص فعرض له عَير فأكبّ عليه يطلبه، وأمعن في ذلك حتى انتهى إلى أرض مُوحِشة