أول من قال ذلك جعْد بن الحُصين الحضرمي أبو صخر بن الجعد الشاعر، وكان قد أسنَّ فتفرق عنه بنوه وأهله، وبقيت جاريةٌ سوداء تخدمه فعلِقَت فتىً من الحيّ يقال له عرابة، فجعلت انقل إليه ما في بيت جعْد. فظن بها فقال:
أَبْلِغْ لَدَيْكِ بَنِي عَمِّي مُغَلْغَلَةً ... عَمْراً وعَوْفاً وما قَوْلِي بِمَرْدُودِ
بأَنَّ بَيْتِي أَمْسَى فَوْقَ دَاهِيَةٍ ... سَوْدَاءَ قد وَعَدَتْنِي شَرَّ مَوْعُودِ
تُعْطِي عَرَابَةُ ذِا مالٍ وذَا وَلَدٍ ... من مال جَعْدٍ وجَعْدٌ غَيْرُ محمُودِ
أول من قال ذلك رُهم بن حَزْن الهلالي، وكان انتقل بأهله وماله من بلده يريد بلداً آخر، فاعترضه قوم من بني تغلب فعرفوه وهو لا يعرفهم. فقالوا له: خلِّ ما معك وانجُ. قال لهم: دونكم المال ولا تعرِّضوا للحُرُم. فقال له بعضهم إن أردت أن نفعل ذلك فألق رمحك. فقال: وإن معي لرمحاً! فشد عليهم فجعل يقتل واحداً واحداً وهو يرتجز:
رُدُّوا على أَقْرَبِها الأَقَاصِيَا ... إِنَّ لها بالمَشْرَفِيِّ حادِيَا
ذَكَّرْتَنِي الطَّعْنَ وكنتُ نَاسِيَا