الباجى الأصولى الجدلى المناظر أقام بدمشق مدة، ثم ولى قضاء الكرك مدة، ثم دخل القاهرة واستوطنها وناب في الحكم بالشارع ثم تركه ونصب نفسه للاشتغال، ودرس بالسيفية، وكان أنظر أهل زمانه وأصحهم ذهنا وأحسنهم بحثًا مع قلة الاشتغال بحيث أنه لا يكاد يمسك كتابًا، وكان الشيخ تقى الدين القشيرى يعظمه ويجله كجل الأئمة، تفقه على ابن عبد السلام وسمع منه، وروى عنه الشيخ تقى الدين السبكى واختصر المحرر وعليه مؤخذات فيه، وله "حقائق الكشف في المنطق"، و"الغاية في أصول الفقه"، "ومختصر في أصول الدين"، قيل: ما من علم إلا وله فيه مختصر. ولد سنة إحدى وثلاثين وستمائة، ومن شعره:
"حَياة وعلمُ قُدْرةٌ وإرادة .... وسمعٌ وإبصارٌ كلامٌ مع البقا،
صفاتٌ لذات اللَّه جلَّ قَديمةٌ .... لَدَى الأشعرىَّ الخيِّر في العلم والتُّقَى".
وله أيضًا:
"رثى لى عوَّدى إذ عاينونى .... وسحب مدامعى مثل العُيون
وراموا كَحْل عينى قلت كفوا .... فأصل بليتى كَحْل العُيُون".
مات بالفاهرة يوم الأربعاء سادس ذى القعدة من سنة أربع عشرة وستمائة.
سمع الشيخ تقى الدين والدمياطى، تفقه على الجلال الدشناوى والبهاء القفطى بقوص وبها درس وأفتى واشتغل، وكان فقيهًا فاضلًا دينًا، حكى أن الشيخ تقى الدين ذكر موانع الميراث يوما في الدرس ثم قال ثمَّ مانع آخر وأمهلتكم فيه شهرًا. قال نور الدين: ففكرت فجرى على ذهنى: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث" (?). فقلت: يا سيدى