الشيخ الامام العارف كمال الدين القوصى، نزيل أخميم، ذو العلم والعبادة والمكاشفات والأحوال والتكلم على الخاطر، سمع أبا الحسن الحميرى والمجد القشيرى وبه تفقه وبرع، ولما قدم إلى قوص الشيخ على الكردى الورع اجتمع عليه هو والشيخ تقى الدين القشيرى والجلال الدشناوى وجماعة، ولازموا الذكر وجدُّوا في العبادة غاية الجد، وحكى أن ابن عبد الظاهر رأى مرحاضًا قد أخرج ما فيه ووضع إلى جانب المسجد الذى هم فيه فقال في نفسه: لابد أن أحمل هذا فنازعته نفسه إذ هو من بيت رئاسة وأصالة فاستدرجها إلى أن حمله في النهار ومر به الناس يتعجبون منه ويظنون أن عقله حصل فيه خلل، ثم استوطن أخميم وبنى بها رباطًا، ومات بها سنة إحدى وسبعمائة. ومن كراماته ما حكاه بعض التقات عن نفسه أنه قال: لازمت الذكر مدة حتى خطر لى أنى تأهلت وسافرت فرافقت في سفرى شابًا نصرانيًا جميل الوجه، فلما فارقته وجدت ألمًا كثيرًا لفراقه فدخلت أخميم وأنا على تلك الحالة متألم فحضرت ميعاد بن عبد الظاهر فتكلم على عادته، ثم نظر إليَّ وقال: لا إله إلا اللَّه ثمَ أناس يظنون أنهم من الخواص وهم من عوام العوام، قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} (?). ومن للتبعيض ومعنى التبعيض أن لا ترفع شيئًا من بصرك إلى شيءٍ من المعاصى، وكراماته كثيرة، وخلف ولده الشيخ أبتا العباس فنحى نحوه في العلم والعمل والاجتهاد والتذكير وانتفع به، مات ببلده سنة سبع وخمسين في رجب.
ولد بقوص سنة سبع وخمسين وستمائة، وكان فاضلًا، علَّق على التعجيز شرحًا ولم يكمله، ودرَّس بالكهارية والسيفية، وناب في الحكم بالقاهرة، ومات سنة ست عشرة وسبعمائة.