أي: حجة واضحة تعرفونها, قيل: المراد به: محمد والقرآن.
وقال: {جَاءَكُمْ} ولم يقل جاءتكم؛ لأنه انصرف إلى البيان, مع أن الفعل إذا تقدم وكان الفعل مؤنثا مجاذيا جاز فيه التأنيث والتذكير, كما هو في كتب العربية موضح التقرير.
{وَهُدىً وَرَحْمَةٌ} أي: جاءكم ما فيه البيان, وقطع الشبهات عنكم والارتياب, وهدى لكم من الضلالة, ورحمة من العذاب.
وقوله تعالى: {كِتَابٌ أُنْزِل إِليْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ} (الأعراف: من الآية 2) يعني: هذا القرآن أنزل إليك يا محمد فلا يقعن في قلبك شك وارتياب, إنه منزل من رب الأرباب, وقد وجه غليه الخطاب, والمراد غيره كقوله: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِليْكَ فَاسْأَلِ الذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} (يونس: من الآية 94) , وقيل المعنى: فلا يضيقن صدرك بتكذيبهم. وأصل الحرج في اللغة: الضيق.
وقوله: {لِتُنْذِرَ بِهِ} أي: أنزل إليك, لتنذر الكفار.
{وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} لأنهم أهل البصائر والاعتبار.
ثم قال جل جلاله مخاطبا عباده: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِل إِليْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} (الأعراف: من الآية 3) أي: اعملوا به, فإن عقابه السعادة, واقتفوا آثار نبيكم الذي أنزل عليه, وسابقوا إلى هدية وسارعوا إليه, {وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} (الأعراف: من الآية 3) أي: لا تتخذوا من دونه أربابا, فمن اتخذهم فهو أشد الناس عذابا, وأسوؤهم يوم القيامة مآبا, {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (يوسف:103) {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (الأنعام: من الآية 116) {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (يوسف:106) .
قوله تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ} (: من الآية 157) أي: صدقوه وأقروا بنبوته, {وَعَزَّرُوهُ} أي: عظموه بتقويته, {وَنَصَرُوهُ} بالسيف والسنان