وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود مرفوعا: "إن من شرار أمتي من تدركهم الساعة وهم أحياء, والذين يتخذون القبور مساجد" (?) .
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: "لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه, فإذا اغتم بها كشفها فقال: وهو كذلك "لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذر ما صنعوا, ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا" (?) . وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي من ذلك.
فروى مسلم عن جندب بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول: "إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل, فإن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا, ولو كنت متخذا من أمتي خليلا, لاتخذت أبا بكر خليلا, ألا وأن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد, إني أنهاكم عن ذلك" (?) .
فنهى عليه الصلاة والسلام في مرض موته, ونهى وهو في السياق عن اتخاذ القبور مساجد.
ومعلوم أن كل من كان يعبد فيه أو يدعى فيه, فقد جعل مسجدا, وهذا تحذير منه لأمته عن مشابهتهم اليهود والنصارى في ذلك, فتدركهم اللعنة؛ لأن اللعنة ليست خاصة باليهود والنصارى, بل من اتخذ القبور مساجد, وخصها بنوع من أنواع العبادة, فهو ملعون ولو لم يبني عليها مسجدا ولكن تشابهت قلوبهم {فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُورا}