فحينئذ يتجه لنا سؤال, وهو أن يبحث ويقال لكل مشرك ضال (?) : ما تقول في الدعاء هل عبادة أم لا؟ وإذا ثبت عندك أنه عبادة, هل تكفر من دعا غير الله أم لا؟ وإذا تقرر أنه دعاء, وأنه يكفر من دعا أحدا غير الله, فيقال له: ما تقول في الاستغاثة هل هي نوع من الدعاء أم لا؟ فإن قال إنها نوع منه, فيقال: ما بالكم تفعلونها وتستغيثون بالأموات والعظام الرفات, وتسألونهم الحوائج, وترون هذا منهجا من أحسن المناهج.

وإن باهت وقال: ليست من الدعاء في حال, قيل: هذا محال, ولا يجول في بال, ولا يقوله إلا معتوه في عقله خبال, ولكن بين لنا ما فيها, وما حقيقتها التي تدعيها, فإن لكل قول حقيقة, وكل سالك في طريق يعرف طريقه؟! فهناك يقف حماره في العقبة, ولا يتم له ما طلبه, وحينئذ يلجئه الفلج والإلزام, ويلجمه الخصام باللجام, وينكص على عقبه من فرط الإحجام, ودحوض حجته عند الخصام.

فيقول إذ ذلك: لسنا ندعوهم, ولا بهم نستغيث, وإنما نحن نطلب منهم الشفاعة إلى الله فهو المغيث, فنقول هذه دعوى تقرب من الصدق, فلا نأبنها بالتكذيب, ولكنها متضمنة لشرك التقريب, وهذه بعينها هي دعوى الجاهلية الأولى, وهي مساوية لها في الشرك بالطريق الأولى, قال الله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015