كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (الأحقاف:4) .
وقد تضمنت هذه الآية الكريمة: الإلزام بعدم ما يدل على ألوهية من عبد من دونه فلا يستحق العبادة, وهذا الإلزام بطريق العقل المتضمن له قوله: {أَرُونِي مَاذَا خَلقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ} .
وتضمنت أيضا: الإلزام بعدم ما يقتضي ألوهيتهم بطريق النقل كما هو صريح {ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} فإذا كان القرآن المجيد ناطقا بالتوحيد, ولم يشرع الله تعالى لنبينا إلا ما شرعه لجميع الرسل, وهو إقامة الدين كله لله والمراد بذلك أن يوحد جل جلاله في العبادة, فلا يشرك معه خلق من خلقه.
قال تعالى: {شَرَعَ لكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً} (الشورى: من الآية 13) إلى قوله {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (الشورى: من الآية 13) .
وقال تعالى: {وَلقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَليْهِ الضَّلالةُ} (النحل: من الآية 36) والآيات المحكمات كثيرة لا تحصى.
فإذا علم هذا بالبرهان الذي دلت عليه محكمات القرآن, وتحقق القلب والجنان أن الله تعالى لم يأذن لإنس وجان, أن يصرفوا شيئا من أنواع العبادة التي هي محض حقه إلى رسول أو ملك أو صالح أو أحد من جميع خلقه.
قال تعالى: {وَمَا خَلقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56) ومن صرف شيئا منها إلى أحد فقد كفر بربه وجحد, وأن الرسل إنما أرسلوا بجميع ذلك, وإزالة آثار تلك المسالك, وأن الدماء والأموال إنما استبيحت بعد الامتناع عن هذه الحال, والإقلاع عن الشرك والضلال,