وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (يونس:18) وقال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلى اللَّهِ زُلْفَى} (الزمر: من الآية 3) .
قال أكثر المفسرين: كانت الكفار إذا سئلوا من خلق السماوات والأرض يقولون الله كما حكاه الله تعالى عنهم فإذا سئلوا عن عبادة الأصنام, {قالوا مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلى اللَّهِ زُلْفَى} أي: لأجل طلب شفاعتهم عند الله تعالى وهذا كفر منهم.
قال الحافظ ابن كثير: " قال قتادة والسدي ومالك عن زيد بن أسلم: {إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلى اللَّهِ زُلْفَى} أي: ليشفعوا لنا, ويقربونا عنده. ولهذا كانوا يقولون في تلبيتهم إذا حجوا في جاهليتهم: لبيك لا شريك لك, إلا شريكا هو لك, تملكه وما ملك, وذلك أنهم عمدوا إلى أصنام اتخذوها على صور الملائكة المقربين في زعمهم, فعبدوا تلك الصور تنزيلا لذلك منزلة عبادتهم الملائكة ليشفعوا لهم عند الله في نصرهم ورزقهم وما ينوبهم من أمور الدنيا. فأما المعاد فكانوا جاحدين له كافرين به" انتهى (?) .
فإن قيل: إن الكفار إنما كانوا يعتقدون القربة ويرجونها, ويطلبون الشفاعة ويسألونها, من أصنام ينحتونها, ونحن إنما نتقرب إليه بأكرم الخلق عليه؟! (?) .
فالجواب أن يقال: ما ذكرتم ممنوع, وبنص القرآن معارض مدفوع, فعقيدتهم المذكورة, وطلبتهم المشهورة, ليست على أصنام مقصورة, ولا في أوثانهم محصورة, بل عموا الملائكة والرسل والأنبياء والصالحين,