سألته من غير إبطاء ولا ارتياب, فمن كانت هذه حاله, وهذه عبادته وأفعاله, وشاهده ما فصح به مقاله, فقد نبذ الدين الحق من غير مبالاة ولا اكتراث, ولكنه قد أخذ هذا من ملة آبائه بطريقة الميراث, فصار من جملة المتمسكين بالضلال والوراث.
وبعض هؤلاء يقول: قبر الشيخ فلان ترياق مجرب, وسائله لا يرد ولا يخيب, وغالب هؤلاء استدرجهم الشيطان بشرك التقليد, وحسن لهم أن آباءهم وأجدادهم على الدين الرشيد, والصراط المسلوك الحميد, وإنهم باتخاذ الوسائط توسطوا غارب الرأي السديد. {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} (سبأ:49) ولهذا كان جواب أسلافهم لمن جاءهم بالتوحيد من الرسل وأتباعهم الموحدين {قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لهَا عَابِدِينَ} (الأنبياء:53) {قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (الشعراء:74) {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} (الزخرف: من الآية 22) .
قال الله تعالى مبينا ضلالهم وضلال من هم مقلدون, وبآثارهم هم مقتدون: {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّين فَهُمْ عَلى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} (الصافات:70) .
ومن شرح الله صدره للإسلام ورأى ما يفعله عند القبور والمشاهد أكثر الأنام, يعلم بالقطع واليقين, أن هذه الأمور مضادة للدين, بل هي في الحقيقة هدم لأصله الراسخ ودين محدث للدين القيم ناسخ. {أَمْ لهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (الشورى:21) .
وقال جل جلاله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ