وهنا انتهى بنا الكلام على تفسير هذه الآية , ويكون به عن تفسير باقي الآيات كفاية, وقد خرج بنا الحرص على الإفادة عما لنا من القصد والإرادة, ونرجع إلى ما نحن بصدده ونعود, مستمدين من الإله القادر المعبود, الإعانة على إنجاح المقصود.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" (?) .
أقول: هذا الحديث عظيم الشأن والمقدار, وعليه في الإسلام المدار, بل هو في الحقيقة أصل من أصوله, إذ هو محتو على كثير من فصوله, وهو للأعمال الظاهرة كالميزان, كما أن حديث "إنما العمال بالنيات" (?) ميزان لأعمال الجنان, وما يريده من القصد كل إنسان.
فكل عمل لوجه الله غير مراد, مصيره إلى الإلغاء والفساد, فليس للعامل فيه ثواب, وإنما يجب عليه منه المتاب. فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله مردود, لخروجه عن السنن المقصود, والمنهج المطهر المحمود. فعمل العامل رد عليه لسريان البطلان إليه, بعدوله عن الأمر المشروع, والهدي المقرر المتبوع.
فالحديث يدل بمنطوقه على رد العمال المخالفة للسنة والكتاب, ويدل بمفهومه على القبول لما وافقهما وحصول الثواب.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: (أما قوله: "ليس عليه أمرنا" أشار إلى أن أعمال العاملين ينبغي أن تكون تحت أحكام الشريعة, وتكون أحكام الشريعة حاكمة عليها بأمرها ونهيها, فمن كان عمله جاريا تحت أحكام الشرع, موافقا لها, فهو مقبول, ومن كان خارجا عن ذلك