شيخ اشتهر بالصلاح بمكة، وذكرت له مكاشفات، منها ـ فيما قيل ـ إنه رنق يوما بالحرم الشريف، ورفع رأسه وأخبر بعود السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون، صاحب مصر، إلى السلطنة. وكان قد خلع فى سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة، فسمعه القطب الهرماس؛ لأنه كان إلى جانبه فقام من ساعته إلى الأمير أزدمر الخازندار، وكان أميرا على الرجبية الواصلة فى سنة خمس وخمسين وسبعمائة، فجلس عنده ورنق، ثم رفع رأسه وأخبر بما سمع من الشيخ أبى طرطور، وأمرهم بكتابته فأرخوه، فجاءت به الأخبار، وذلك فى شوال من سنة خمس وخمسين. وهذه القضية اتصل الهرماس بها بالسلطان حسن، ونال به وجاهة.
وذكر لى شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى أن أبا طرطور هذا، ذكر له أنه من أصحاب الشيخ عبد العزيز الدميرى، وأخذ طريقة التصوف عن الشيخ أبى الفتح الواسطى، والبرهان الدميرى. وكان يعمل الميعاد فى الجامع الظاهرى بحضرة خلق كثير من الناس، أخبرنى بذلك من كان يلازم الجامع، ويحضر مجالس الوعظ. قال: وكان يفسر القرآن عن ظاهر قلبه بين الحجر الأسود والركن اليمانى، وكان لأهل مصر فيه اعتقاد، وله مكاشفات، وكان يخرب على نفسه وربما وجدت الحشيشة معه. انتهى.
وذكر لى الشيخ يعقوب بن أحمد الأبيارى المكى أن الشيخ أبا طرطور كاشف أباه بقضية حكاها لى، وهو الذى ذكر لى أن اسمه محمد، وذكر أنه توفى بمكة، قبل القاضى شهاب الدين الطبرى، وكانت وفاة القاضى فى آخر شعبان سنة ستين وسبعمائة. وقد ذكر لى وفاته على نحو من ذلك غير واحد.
ذكره لى شيخنا العلامة القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وذكر أنه كان رجلا صالحا، كثير الذكر والعبادة، وللناس فيه اعتقاد كثير، ويسألونه الدعاء.
وكان إذا سأله أحد الدعاء لقضاء حاجة يقول له: اعمل حظرة للفقراء. فعمل ذلك جماعة منهم، فانقضت حوائجهم.
توفى سنة أربع وستين، أو سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة.
وكان جاور بها سنين كثيرة، وكان له كشف كثير. كان يذكر أنه يجتمع بجماعة من الأموات فى اليقظة.