أمر بمكة أبا الغيث، ومحمد بن إدريس وخلفهما لصاحب مصر.
فأقام أبو الغيث أياما، وأخرج من مكة محمد بن إدريس، واستبد بالإمرة، وجرت بينهما حروب كثيرة، وقتل فيها جماعة من الأشراف.
وكاتب أبو الغيث السلطان ـ يعنى المؤيد صاحب اليمن ـ وبذل الخدمة والنصيحة والرهينة، فقبل ذلك منه. انتهى.
ولم يزد الشيخ تاج الدين المذكور فى نسب محمد بن إدريس المذكور على اسم أبيه.
ورأيت ما يخالف ما ذكره فى تأمير الجاشنكير لمحمد بن إدريس هذا بمكة؛ لأن كلام بيبرس الدوادار فى تاريخه يدل على: أن الأمير بيبرس إنما أمر بمكة فى هذا التاريخ أبا الغيث، وأخاه عطيفة ابنى أبى نمى. والله أعلم بالصواب.
وبلغنى: أن أبا نمى أمير مكة جعل لمحمد بن إدريس هذا ربع ما يتحصل لأمير مكة فى كل سنة، ولكنه لم يجعل له ولاية بمكة، وأن أبا نمى كان كثير الاغتباط بمحمد بن إدريس هذا. ويقول فيه ـ لكثره اغتباطه به إذا رآه ـ: هنيئا لمن هذا ولده. وأن بعد موت أبى نمى: أشار بعض الناس على أولاد أبى نمى بقتل محمد بن إدريس هذا. وقال لهم: لا يتم لكم معه أمر إلا إن قتلتموه. فتشاوروا فى ذلك، وذكروه لحميضة بن أبى نمى، فلم يوافق على ذلك حميضة، وأعرضوا عن قتل محمد بن إدريس.
وكان بعد ذلك بين إخوته أولاد إدريس، وأولاد أبى نمى حروب كثيرة، منها، فى شهر واحد، شهر رمضان: بضع وعشرون لقية. والله أعلم بحقيقة ذلك.