العرب في صقليه (صفحة 162)

إشارة إلى حاجة صقلية للشاعر القدير وعدم توفره بين أبنائها؟ ربما استطعنا الإجابة على هذا السؤال لو كان لديننا من شعر ابن عبدون ومدائحه في بني أبى الحسين، ما يمكننا من الحكم على إجادته، بالنسبة للشعراء الصقليين أنفسهم، على ان صقلية في زمن ثقة الدولة وابنه جعفر بلغت أقصى النشاط في الشعر، وتوفر لها عدد كبير من الشعراء.

هذا نوع من المهاجرين. وهناك آخرون دخلوا صقلية فراراً بأرواحهم من أزمات حاقت بهم في أوطانهم. وأخص بالذكر حادثتين: هجرة سنة 395 عند ما حدثت مجاعة بإفريقية اضطرت كثيراً ممن أهلها إلى اللحاق بصقلية، وهجرة سنة 456 عند خراب القيروان على يد العرب. ومن أشهر مهاجري هذه الفترة ابن رشيق القيرواني صاحب العمدة والأنموذج، وقد استقر بمدينة مازر، ومنهم محمد بن حسين بن جبارة الفارسي (?) ، والحلواني (?) ، وعبد الحليم الصقلي.

وإنا لندرك اثر ابن رشيق في صقلية من حقيقتين الأولى أنه درس كتاب العمدة بمدينة مازر والتف حوله جماعة من أهل الأدب والدراسين، والثانية أن ابن رشيق كان قبلة أنظار بعض الصقليين في اتجاهه الأدنى والنقدي، وكان أصدقاؤه على اتصال دائم به (?) ويصرح أحد المعجبين به قائلاً:

" كنت ساكناً بصقلية وأشعار ابن رشيق ترد على فكنت أتمنى لقاءه حتى قدم الروم علينا، فخرجت فاراً بمهجتي تاركاً لكل ما ملكت يدي وقلت: أجتمع بأبى على، فبرقة شمائله، وطيب مشاهدته، سيذهب عني بعض ما أجد من الحزن على مفارقة الأهل والوطن " (?) .

ويمثل عبد الحليم الصقلي نوعاً ثالثاً من المهاجرين وهم الذين كانت صقلية مهوى أفئدتهم، يحبونها للثراء والجمال معاً، ويعشقونها أملاً حبيباً، ويجدون لاسمها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015