ابن رشيق بأنه شاعر وطئ وسكون جأش، لا يكاد يلغو بالشعر إلا إذا قال. ولما وفد على ثقة الدولة وامتدحه أضافه الأمير إلى ولده جعفر فأدناه وقربه، حتى كان من أكرم الناس عنده. وظل ابن عبدون في صقلية حتى هزه الحنين إلى وطنه، فرفع إلى جعفر قصيدة يتشوق فيها إلى أهله وأحبابه ومعاهدة ويقول فيها (?) :
بالله يا جبل المعسكر دع ... ريح الجنوب ترق أو تسر
كيما أسائلها فتخبرني ... ما يفعل الجيران بالقصر فلما سمعها جعفر ازداد به تعلقاً واشتد حرصه على استبقائه عنده حتى ضاق الشاعر بين منع وحنين، وكتب إلى ثقة الدولة يرجوه أن يسرحه ويمدحه بقصيدة مطلعها:
يا قصر طارق حبي فيك مأسور ... شوقي طليق وخطوي عنك مأسور ثم عاد يلجأ إلى جعفر، ويستأذنه في الرجوع إلى وطنه، فعتب عليه جعفر وحجبه، حتى عز وصوله إليه، وأخيراً تحين الشاعر الفرصة وكتب أبياتاً يتشفع فيها لدى جعفر، يقول فيها أنه أصبح عاجزاً عن لقائه وأنه رأى القمر فقام مسلماً عليه، مظهراً الخضوع لديه ثم يسأل القمر هذا أن يكون شفيعاً له عند شبيهه ابن يوسف، ويذكره بحق شاعر ساءت حاله بعد ما التهبت في صدره نار الحنين. ولقي جعفراً في بستان يتنزه، فقدم إليه الرقعة، فلما قرأها طرب لها وأمر له بمال كثير (?) .
وفي تمسك الأمير بابن عبدون السوسي ما يدل على حرص صاحب صقلية على شاعر يشيع فضائله ويتحدث عنه ويميل غليه القلوب فهل في هذا