الحمد لله حتى الخبز أعوزني ... في بلدة أنا فيها شاعر الملك ومن هؤلاء الصقليين أيضاً أبو الحسن بن علي الصقلي النحوي ولا نعرف له من الشعر إلا قوله:
في سبيل الله ود حسن ... دام من قلبي لوجه حسن
وهوى ضيعته في سكني ... ليس حظي منه غير الحزن
يرقد الليل ويستعذبه ... وإذا ما رمت طيب الوسن
زارني منه خيال ما له ... أرب في غير أن يوقظني وقد توفي هذا الصقلي بمكة سنة 391هـ؟، بعد أن حج، ودفن هنالك (?) وكان من أظهر الأسباب التي حدث بشعراء صقلية على الهجرة ارتفاع شأن القيروان أيام المعز بن باديس في النواحي الأدبية، حتى أصبحت تنافس بلرم في نشاطها، وكان قد التف حول المعز عدد كبير من الشعراء من جهات متعددة في المغرب، حتى ليخيل لمن يقرأ ما تبقى من كتاب الأنموذج لابن رشيق أن نهضة المغرب الأدبية إنما تبلورت أيام المعز، لا قبل ذلك ولا بعده. ويقول ياقوت: وكانت القيروان في عهده وجهة العلماء والأدباء، تشد إليها الرحال من كل فج، لما يرونه من إقبال المعز على أهل العلم والأدب وعنايته بهم (?) . ففي ظل الاستقرار السياسي بإفريقية شهدت القيروان نهضة أدبية، وفي ظل نوع من الاستقلال السياسي بصقلية عرفت بلرم حركة أدبية قوية. وكانت هاتان النهضتان متعاصرتين حتى لنستطيع أن نقول إن العنصر المغربي في البرين الأفريقي والصقلي كان يؤدي أقوى أدواره في تأريخ الأدب العربي حين تمت له وسائل النهضة الأدبية في حياته الاجتماعية والثقافية. وربما كان من استباق الحوادث أن أسجل في هذا الموطن هذه الظاهرة الثلاثية التي حدثت تباعاً على الوجه التالي: