لا يستطيع الباحث في شعر الصقلي - عهد الحكم الإسلامي في الجزيرة - إلا أن ينظر من خلال أربع حقائق كبرى، كان لكل واحدة منها أثرها البعيد في ذلك الشعر وفي طبيعته:
الحقيقية الأولى: موقع الجزيرة وطبيعتها الجغرافية:
فموقع الجزيرة هو الذي تحكم في الهجرة ممن صقلية وإليها، وجعل الشعر الصقلي نفسه صورة من الصادر والوارد، كالحال في حياة التجارة. ولذلك نجد أنغاماً غريبة وافدةً إلى صقلية نفسها. وليس من الضروري أن ننتظر الفتح النورماني لنسمع عن شعراء هاجروا من صقلية إلى البلدان المجاورة، فهناك من الصقليين من كان ينتقل بشعره متكسباً، وخاصة بعد أن أصبحت مصر فاطمية الدولة، تجتذب إليها الشعراء من جميع أنحاء المملكة، وصقلية يومئذ ولاية تابعة للخليفة الفاطمي، وأمراؤها الكلبيون ذوو منزلة رفيعة عند ذلك الخليفة بمصر وصقلية في آن واحد، وبهؤلاء الشعراء الراحلين عرف الناس صقلية معرفة أوضح، وزادها وضوحاً أخبار البحارة والراحلين إليها.
فمن الصقليين الذين هاجروا من بلدهم في هذه الفترة المقداد بن الحسن الكلبى وأخوه ميمون، والأول منهما كان بمصر أيام العزيز نزار، وهو يصرح بأنه شاعر الخليفة، وقد قتله الحاكم سنة 393هـ؟ لقوله في أيام العزيز (?) :