لتصور كثير منهم بصقلية. وعلى يد العلماء المسلمين انضم إلى هذه الدراسات العلمية جهود أخرى في الدراسات الفقهية والأدبية. ففي أيام غليالم الثاني كان أبو القاسم بن الحجر موئلا للقصاد، فألف له ابن ظفر الصقلي كتاب " سلوان المطاع " وكتاب " معرفة الأشراف في الفقه المالكي " وفي مدحه صنف ابن قلاقس كتاب " الزهر الباسم في أوصاف أبى القاسم ".
وشفعت الحركة العلمية هذه بظاهرتين جعلتاها أرسخ أصولا وأبعد أثراً.؟ الظاهرة الأولى: قيامها على التجربة والمشاهدة في بعض الأحيان. ففي المجال الجغرافي لم يكتف رجار بالاعتماد على كتب الجغرافية وحدها، بل أحر الرجال العارفين وشافههم في الأمور التي يريد معرفتها، وحقق أخبا البلاد بالمعينة ووقع اختياره هو والإدريسي على أناس ألباء فطناء أذكياء، جهزهم إلى أقاليم الشرق والغرب وسفر معهم قوماً مصورين ليصوروا ما يشاهدونه عياناً، وأمرهم بالتقصي والاستيعاب لما لابد من معرفته فكان إذا حضر أحد منهم بشكل أثبته الشريف الادريسي (?) . وكان أرستبس في أيام غليالم الأول يعرض نفسه للخطر ويحاول أن يدرس عجائب إتنا ويستطلع حقيقته (?) .
والظاهرة الثانية: الاستفادة منها في الحياة العملية وفي هذه الناحية نطلع على جهود في الهندسة المعمارية وفي عمل الآلات، وللمسلمين في هذه المجالات أثر واضح، إذ كان رجار يعتمد عليهم في صنع آلات الحصار، وهم الذين كانوا يصنعون القلاع المتحركة في حصار سالونيك سنة 1185 كانت منجنيقاتهم ذات أثر فعال في خرق الأسوار (?) . وصنع أحد المهندسين لرجار آلة لرصد الساعات درست ولم يبق مما يدل عليها إلا كتابة باللغات الثلاث اللاتينية فاليونانية فالعربية والنص في العربية " خرج أمر الحضرة الملكية المعظمة الرجارية العلية أيد الله ايامها وأيد أعلامها، بعمل هذه الآلة لرصد الساعات،