اشتهروا بالحرص على إغراء العلماء إلى صقلية. وكان رجار يميل إلى مجالسة العلماء، وعند الصفدي أنه كان محباً لأهل العلوم الفلسفية (?) ، وأن الإدريسي كان يجيء راكباً بغلة فإذا صار عنده، تنحى له عن مجلسه، فيأتي فيجلسان معاً (?) وكان لا يسمع بعالم شهير إلا مهد له السبيل للوفود عليه وكذلك كان ابنه غليالم الأول. ويصفه ارستبس في حديثه لصديقه الإنجليزي بأنه ملك لا نظير له (?) ، وليس يعنى بهذا أبهة الملك، بقدر ما يعني تميزه في الاهتمام بالأمور العلمية والفلسفية، والتساؤل عن طبائع الأشياء، وقد كان وزيره مايون يشاركه الاهتمام بهذه النواحي العلمية. ولم يشذ غليالم الثاني عن سيرة من سبقه فيقول ابن جبير في وصفه: " وله الأطباء والمنجمون وهو كثير الاعتناء بهم، أمر بإمساكه وأدر له أرزاق معيشته حتى يسلبه عن وطنه " (?) .
وفي أيام غليالم الأول والثاني ازدهرت حركة الترجمة إلى اللغة اللاتينية من العربية واليونانية. وكان من أشهر المترجمين عن اليونانية أرستبس الذي أصبح أيام غليالم الأول شخصية هامة وتولى الوزارة له بعد مقتل مايون، وكان ضليعاً في اليونانية فترجم الفيدون ومنيون من محاورات أفلاطون، وبأمر من الملك قام بترجمة جرجروريو النازيانزى، وبطلب من مايون ترجم ديوجين لايرتس إلى اللاتينية (?) .
أما الأمير يوجين البلرمى الذي أكسبته استطلاعاته الفكرية لقب " فيلسوف " فكان يترجم من العربية، فترجم منها إلى اللاتينية بصريات بطليموس، وكان في متناول يده بعض كتب لإقليدس (?) ، مما يدل على معرفه باللغات والرياضيات مع قدرة على نظم الشعر باليونانية، وله مجموعة من الشعر فيها قصيدة