هذه الحركة العلمية الجديدة أنها كانت بتوجيه من الملك نفسه فهو الذي يدفع العالم إلى التأليف والمترجم إلى ترجمة آثار معينة. وهذا يدل على اتجاه علمي محدد الوجهة والغاية، نضيفه إلى المشاركة الفعلية التي تروي عن رجار الثاني من بينهم خاصة. - إذ يقول فيه الإدريسي: " وأما معرفته بالعلوم والرياضيات والعمليات فلا تدرك بعد، ولا تحصر بحد، لكونه قد أخذ من كل فن منها بالحظ الأوفر، وضرب فيه بالقدح المعلى، ولقد اخترع من المخترعات العجيبة وابتدع من الابتداعات الغريبة، ما لم يسبقه أحد من الملوك إليه ولا تفرد به " (?) .
ومضت صقلية تستورد الكتب من الخارج كما كانت تفعل في العصر العربي مع اختلاف في نوع الكتب. ودخلت بلرم - وإلى درجة ما سرقوسة كتب يونانية وعربية فاستحضر رجار الكتب الجغرافية المؤلفة بالعربية أو الترجمة إليها من اليونانية، مثل كتاب العجائب للمسعودي وكتاب الجيهاني وابن خرداذبة والعذرى وابن حوقل والكيماكي وموسى بن قاسم القردي واليعقوبي وابن المنجم وقدامة وكتاب الجغرافيا لبطليموس وأرسيوس (?) وجاءت من القسطنطينية نسخة من كتاب المحبسطي هدية من الإمبراطور إلى الملك غليالم الأول، وربما وردت منها أيضاً نسخة من كتاب ملحمي ترجمة دوكستباتر عز وجلoxtopater عن الكلدانية. ويتحدث ارستبس المترجم لصديق له إنجليزي وينصحه بأن لا يغادر صقلية لأنه لا يجد فيها حكمة اللاتين فحسب، بل مكتبة يونانية وعوناً من رجل ضليع في الأدب اليوناني، في صقلية يستطيع أن يحصل على الميكانيكا لهيرون والبصريات لإقليدس والأنالوطيقا لأرسطو وغيرها من المؤلفات الفلسفية اليونانية (?) .
والفضل في هذه النهضة العلمية يرجع في الدرجة الأولى إلى أ، واع التشجيع التي كان يقوم بها الملك ورجاله نحو العلماء، فهم يغدقون عليهم الأموال ويكتنفونهم بالاحترام، ويرفعون مراكزهم الاجتماعية في الوظائف والألقاب، كما