ويتشدق بك فِي الْمجَالِس وَيجْعَل كلامك ضحكة بِحَيْثُ أَنه امْتنع من إقرائه فِيمَا كَانَ يقْرَأ فِيهِ وَقَالَ أَنه مَتى حضر عِنْدِي تركت الإقراء جملَة قَالَ أَبُو الْفضل فَكنت إِذا حضرت لَا يخرج إِلَى النَّاس فيسمعني لذَلِك الطّلبَة مَا يسوءني وَتَمَادَى لَهُ الْحَال على ذَلِك مُدَّة إِلَى أَن خرج يَوْمًا لقسم بلد لَهُ فاستأجرت حمارا وَلَحِقتهُ فَسلمت عَلَيْهِ فَرد وَقَالَ مَا تُرِيدُ فَقلت الْقِرَاءَة وَفتحت الْكتاب وشرعت أَقرَأ فَاشْتَدَّ عجبه وَعلم بطلَان مَا نقل لَهُ عني واستغفر الله وصرت عِنْده بمكانة. وعَلى السَّابِع الْحساب والفرائض وعَلى الثَّامِن فِي الْحساب والجبر والمقابلة وَغَيرهَا من أَنْوَاعه والهيئة وجر الأثقال وعَلى التَّاسِع فِي التقاويم والميقات بأنواعه من فنون الأسطرلابات والصفائح والجيوب والهيئة والأرتماطيقي والموسيقا والطلسمات وَمَا شاكلها وَعلم المرايا والمناظر وَعلم الأوفاق وعَلى الْعَاشِر فِي الطِّبّ. ثمَّ عَاد إِلَى بجاية فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَقد برع فِي الْعُلُوم واتسعت معارفه وبرز على أقرانه بل على مشايخه بِحَيْثُ كتب ابْن مَرْزُوق لِأَبِيهِ فِيمَا قيل أَنه قدم علينا وَكُنَّا نظن بِهِ حَاجَة إِلَيْنَا فاحتجنا إِلَيْهِ أكثرن قَالَ البقاعي: وحَدثني الصَّالح أَحْمد الزواوي عَن بعض فضلاء المغاربة أَن ابْن مَرْزُوق قَالَ مَا عرفت الْعلم حَتَّى قدم على هَذَا الشَّاب، فَقيل كَيفَ قَالَ لِأَنِّي كنت أَقُول فَيسلم كَلَامي فَلَمَّا جَاءَ هَذَا شرع يُنَازعنِي فشرعت أتحرز وانفتحت لي أَبْوَاب من المعارف أَو نَحْو هَذَا، وَنقل البسطي عَنهُ أَنه قَالَ إِن عَاشَ كَانَ عَالم الْمُسلمين وَأَنه كَانَ هُوَ وَأَبُو الْفضل بن الإِمَام يأمران تلامذتهم بِالْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ فأسرع إِلَيْهِ غالبهم فانتفعوا وَكَانَ مِنْهُم شخص يُقَال لَهُ أَحْمد بن زكرى لَازمه وَتحقّق بِصُحْبَتِهِ فَهُوَ الْآن الْمشَار إِلَيْهِ فِي تلمسان وَإنَّهُ كَانَ لَا يسامى أَبَا الْفضل فِي تلمسان إِلَّا الشريف أَحْمد بن أبي يحيى وَلم يكن يثبت لَهُ فِي النَّحْو سواهُ فَكَانَا يتناظران فِي)
غَالب الْمجَالِس وَيجْرِي بَينهمَا الْكَلَام وَابْن مَرْزُوق يحكم بَينهمَا وَرُبمَا طَال بَينهم الجدل فيسكت ويدعهما حَتَّى يسكتا وهما كفرسي رهان غير أَن أَبَا الْفضل أَسد كلَاما وَأَشد تَحْقِيقا وأنفذ نظرا وأوسع دَائِرَة فِي فنون الْعلم هَذَا مَعَ كَون أبي الْفضل فِي سنّ ولد الشريف كَمَا أخبرهُ، وتصدر للإقراء بيجاية إِلَى أَن رَحل مِنْهَا فِي أواخرها أَو أَوَائِل الَّتِي بعْدهَا فَدخل بلد الْعنَّاب وقسنطينة وَحضر عِنْد علمائها ساكتا ثمَّ دخل تونس فِي أَوسط سنة خمس وَحضر عِنْد جَمِيع علمائها ساكتا ثمَّ رَحل فِي أواخرها نَحْو المملكة المصرية فِي الْبَحْر فِي مركب نَصَارَى جنويين فارسوا على الْبر الشمالي فِي بِلَاد القطران ثمَّ لججوا فِي الْبَحْر فسكن عَنْهُم ثمَّ أَتَاهُم ريح عاصف فساقهم إِلَى جَزِيرَة قبرس إِلَى نَاحيَة اليان فَمروا على اللمسون والملاحة ثمَّ أرسوا فِي الماغوصة