القمصي وَآخَرين مِمَّن بعدهمْ بل وأجوز من قبلهم)
وَنَشَأ فِي كنف أَبِيه وَكَانَ قاصده إِلَى الظَّاهِر جقمق فِي سنة خمسين فَأكْرمه ثمَّ أعَاد الإمرة لِأَبِيهِ وَصرف أَبَا الْقسم فَلَمَّا كبر أَبوهُ وهش التمس من شاد جدة جَانِبك الجداوي الظَّاهِرِيّ فِي منتصف سنة تسع وَخمسين أَن يُكَاتب السُّلْطَان فِي إشراكه مَعَه فِي الإمرة فَأُجِيب وَأَن يكون مُسْتقِلّا بهَا بعده وَوصل الْعلم لمَكَّة بذلك فِي يَوْم الثُّلَاثَاء عشرَة شعْبَان مِنْهَا وَهُوَ الْيَوْم الثَّانِي من وَفَاة أَبِيه فَدَعَا لَهُ على زَمْزَم بعد صلات الْمغرب فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء مَعَ كَونه كَانَ غَائِبا بِبِلَاد الْيمن. وَلما وصل إِلَيْهِ الْعلم بذلك مَعَ القاصد المجهز إِلَيْهِ وَغَيره وصل إِلَى مَكَّة فِي أثْنَاء لَيْلَة الْجُمُعَة سَابِع رَمَضَان فَاجْتمع الْقُضَاة والأمراء وأعيان المجاورين وَغَيرهم فِي صَبِيحَة يَوْمهَا وَقَرَأَ مرسومه بذلك، حمدت سيرته جدا وَتوجه لبلاد الشرق غير مرّة وَكَذَا أَكثر من زِيَارَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مصاحبا ذَلِك بِالْإِحْسَانِ إِلَى أهل الْمَدِينَة والقاطنين بهَا والوافدين إِلَيْهَا على قدر مَرَاتِبهمْ وَرُبمَا تفقد أهل مَكَّة سِيمَا الغرباء وَكنت مِمَّن وَصله بره فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَدخل الْمَدِينَة فِي أَوَاخِر جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَمَان وَتِسْعين للزيارة وَأَنا بهَا وَمَعَهُ أَوْلَاده وَعِيَاله فالذكور من أَوْلَاده السَّيِّد بَرَكَات وهزاع وَشرف الدّين وجازان وحميضة وفايتباي وناهض وهم فِي التَّرْتِيب هَكَذَا أَوْلَاد أَوَّلهمْ وَهُوَ قسيمة وشريكه فِي السلطنة وهم عجلَان ثمَّ أَبُو الْقسم إِبْرَاهِيم ثمَّ عَليّ فِي آخَرين من الاناث وَابْن ثانيهم وَهُوَ صَغِير وثالثهم جَازَ الْبلُوغ وَهُوَ مملك على ابْنه على عَمه وَاطْمَأَنَّ النَّاس فِي أَيَّامه كثيرا وتمول جدا وَكَثُرت أَتْبَاعه وأراضيه وأمواله وفَاق خلقا من اسلافه، وَاسْتمرّ أمره فِي نمو وجاهته فِي ازدياد وسعده فِي ترق وإسعاد بِحَيْثُ أضيفت إِلَيْهِ سَائِر بِلَاد الْحجاز ليستنيب فِيهَا من يخْتَار ودعي لَهُ على المنبرين كَمَا سمعته فِي المسجدين بل كنت أول وُقُوعه على مِنْبَر الْمَدِينَة بجانبه فِي الرَّوْضَة وفرحت لَهُ بذلك بِمَا أعجبني من شدَّة تواضعه ومزيد أدبه بِتِلْكَ الحضرة، وَكَذَا وَقع لجده السَّيِّد حسن أَنه فوض إِلَيْهِ سلطنة الْحجاز ودعى لَهُ على المنبرين وأذعن لَهُ الْمُوَافق والمشاقق وأمعن فِي تمهيد جهاته الَّتِي هُوَ بهَا سَابق بِحَيْثُ أَنه سَار بِنَفسِهِ فِي عساكره لأهل ينبوع لما ياينوه وَخَرجُوا عَن طَاعَته بالمقاطعة وَعدم الخضوع وأجلي بني إِبْرَاهِيم عَن بِلَادهمْ وَأَعْلَى مقَامه بإفساد مقاصدهم فَمَا وسعهم إِلَّا الانقياد لسلطانه واعتماد أوامره والترجي لفضله وإحسانه وَكَذَا لجازان حِين أمدوا أَخَاهُ وعاونوه على الْعِصْيَان ومكنوه من التَّوَجُّه إِلَى الديار المصرية وأمنوه فِي تِلْكَ المشاققة)
حمية وعصبية فسبى واجتبى وَصَارَ صَاحبهَا من اتِّبَاعه حِين علم مَا صدر مِنْهُ فِي تعنته