وابتداعه وأتى على زبيد فأجلاهم أَيْضا وصاروا طَوْعًا لسلطانه وَله أَرضًا ثمَّ تزوج مِنْهُم مقتديا بِخِيَار الْمُلُوك فِي تأمينهم وَالرِّضَا عَنْهُم كل هَذَا حَتَّى لَا يطْمع فِي جهاته وَلَا يترفع عَلَيْهِ فِي جَمِيع توجهاته مِمَّا إِلَيْهِ تتَوَجَّه الهمم العليات والأعمال بِالنِّيَّاتِ، ومداومة على الْجَمَاعَات وَالطّواف حِين كَونه بِمَكَّة ومزيد سُكُون وكفا لأتباعه وجماعته عَن الرّعية وَعدم تلفت بِمَا بأيدي التُّجَّار سِيمَا حِين تَكْلِيفه لما لم نسْمع بِمثلِهِ فِي دولة وَهُوَ صابر مبادر بل إِذا أَخذ مِنْهُم شَيْئا يكون قرضا كل هَذَا بتهذيب عَالم الْحجاز البرهاني وَلذَا رَاعى وَلَده بعد مَوته وَاسْتمرّ عل سلطنته وَحمد صَنِيعه زادهما الله فضلا وأيدهما بِدفع مَا لَا طَاقَة لَهما بِهِ تحننا مِنْهُ وعدلا.
مُحَمَّد بن بَرَكَات بن عَليّ بن خَلِيل بن رسْلَان فتح الدّين بن الزين الرملاوي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الْعَطَّار أَبُو وجده بِمَكَّة، وَعرض عَليّ بهَا أحد عشر كتابا فِي فنون مُتعَدِّدَة وَسمع على وكتبت لَهُ.
مُحَمَّد بن أبي بَرَكَات بن أَحْمد بن عَليّ بن عمر المقب ولسمع جمال الدّين بن سعد الدّين الجبرتي الْحَنَفِيّ الْآتِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن سعد الدّين سُلْطَان الْمُسلمين بِالْحَبَشَةِ. أصلهم فِيمَا قيل من قُرَيْش فَرَحل من شَاءَ الله من سلفهم من الْحجاز حَتَّى نزل بِأَرْض جبرة الْمَعْرُوف الْآن بجبرت فسكنها إِلَى أَن ولي الحطى ملك الْحَبَشَة مَدِينَة دقات وأعمالها مِنْهَا ولولسمع فَعظم وقويت شوكته وحمدت سيرته وتداولها ذُريَّته حَتَّى انْتَهَت لصَاحب التَّرْجَمَة بعد فقد أَخِيه مَنْصُور فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَحَارب الحطى وَشن الغازات ببلادهم حَتَّى ملك كثيرا من بِلَاده وأطاعه خلق من أعوانه وامتلأت الأقطار من الرَّقِيق الَّذِي سباهم، ودام على ذَلِك حَتَّى مَاتَ شَهِيدا فِي بعض غَزَوَاته فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَثَلَاثِينَ فَكَانَت مُدَّة مَمْلَكَته سبع سِنِين وَكَانَ دينا عَاقِلا عادلا خيرا وقورا مهابا ذَا سطوة على الْحَبَشَة أعز الله الْإِسْلَام فِي أَيَّامه، وَملك بعده أَخُوهُ بدلاي بن سعد الدّين فاقتفى أَثَره فِي غَزْوَة وشدته وَقد ذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ: مُحَمَّد بن سعد الدّين جمال الدّين ملك الْمُسلمين من الْحَبَشَة كَانَ شجاعا بطلا مديما للْجِهَاد عِنْده أَمِير يُقَال لَهُ حَرْب جوشن كَانَ نَصْرَانِيّا لَا يُطَاق فِي الْقِتَال فَأسلم وَحسن إِسْلَامه فَهزمَ الْكفَّار من الْحَبَشَة مرَارًا وأنكى فيهم وغزاهم جمال الدّين مرّة)
وَهُوَ مَعَه فغنم غَنَائِم عَظِيمَة بِحَيْثُ بِيعَتْ الرَّأْس من الرَّقِيق بربطة ورق وَانْهَزَمَ مِنْهُم الحطى صَاحب الْحَبَشَة مرّة بل من جملَة سعدة هَلَاك الحطى اسحق بن دَاوُد بن