صابر غير مكابر متدبر للعواقب المصاحبة لمن يخف الله وَله يراقب ولهذه الْأَوْصَاف والمآثر تشرفت بِذكرِهِ المنابر وخطب بالتنويه باسمه على المنبرين وَنصب رسمه)
بذينك العلمين ليفوز فِي الدَّاريْنِ إِن شَاءَ الله بالخيرين وَكَيف لَا وَقد اجْتمع فِيهِ بِدُونِ لبس وتخمين وحدس وشرق النّسَب وعراقة الأَصْل فِي المملكة وعَلى الرتب وصباحه الْوَجْه ونوره فصاحة اللِّسَان وتأمله وتصويره الْبَلَد الَّتِي هِيَ الْوَسِيلَة لمن أم وَقصد فَهُوَ شرِيف نسبا وأوصافا ولطيف الأدوات الْمُشْتَمل عَلَيْهَا توددا واتصافا فالوصف الرضى لَا يستغرب من الْبَيْت الطّيب وَالْعرْف الذكي غير مستبعد من الْبَلَد الصيب كم أنشأ من دور وقصور وَقرب ترْتَفع بهَا الرتب كرباط بِمَكَّة مَعْدن وَالرَّحْمَة وَالْبركَة وسبل عديدة كجملة بطرِيق جدة المفيدة وبالمعلاة الَّذِي شرفه الله وَأَعلاهُ وَفِي جِهَة الْيمن وَآخر بطرِيق الْوَادي الْحسن وآبار بأماكن شَتَّى يردهَا من صيف أَو شَتَّى أعظمها المستورة بَين رابغ وَبدر الْمَذْكُورَة لنفع الحجيج والقوافل من الأعالي والأسافل إِلَى غَيرهَا مِمَّا لَا ينْحَصر لمطوله وَلَا مُخْتَصره واقتنى من حدائق وستور وإبل وخيول وفروع وأصول وأجرى من مياه لأراض مُنْقَطِعَة وَأسرى فَكَانَ الْمشَار إِلَيْهِ بالاتساع وَالسعَة وَكَثُرت كلفة لعساكره وجنده وانتشرت أَتْبَاعه فَزَاد على المرحومين وَالِده وجده لَهُ فِي زِيَارَة جده الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشرف وكرم كل قَلِيل حركات وَإِلَى عمَارَة جِيرَانه الْتِفَات بالانعام والبركات وَيُزَاد حِينَئِذٍ من التَّوَاضُع وخفض الرَّأْس مَا يحِق لكل الِاقْتِدَاء بِهِ فِيهِ ويكاد الِانْفِرَاد بِهِ بِدُونِ تمويه وَكَذَا لَهُ فِي الطّواف الْوَصْف الشريف الواف ويحق لنا أَن ننشد مِمَّا نرويه ولقائه نسند:
(يَا أهل بَيت رسو الله حبكم ... فرض من الله فِي الْقُرْآن أنزلهُ)
(كفاكم من عَظِيم لقدر أَنكُمْ ... من لم يصل عَلَيْكُم لَا صَلَاة لَهُ)
وأسأل الله أَنا وسامع وكريم نَعته طول بَقَائِهِ ومدته فِي نعْمَة سابغة عَلَيْهِ وإحسان من رَبنَا إِلَيْهِ وَأَن يمن عَلَيْهِ لكل مَحْبُوب فِي نَفسه وجماعته وبنيه خُصُوصا قسيمة المنطوية على محبته الْقُلُوب وَيصرف عَنْهُم كل مَكْرُوه ويلطف بهم فِي سَائِر مَا يحذروه ويرجوه وَيرْحَم سلفهم رَحْمَة وَاسِعَة وينفعنا بمحبتهم الَّتِي لِلْخَيْرَاتِ جَامِعَة. ولد فِي رَمَضَان سنة أَرْبَعِينَ وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة، وَأَجَازَ لَهُ خلق من الْأَعْيَان كَعبد الرَّحْمَن بن خَلِيل القابوني إِمَام الْجَامِع الْأمَوِي وَأَسْمَاء ابْنة المهراني وَأم هَانِئ ابْنة الهوريني ونشوان الحنبلية وَهَاجَر القدسية وَالْعلم البُلْقِينِيّ وَابْن الديري والعز الْكِنَانِي والشهاب الشاوي والجلال بن الملقن وَأُخْته صَالِحَة والبهاء بن الْمصْرِيّ والجلال