مشى ومشيتُ من أسدَين راما ... مَراماً كان إذ طلباه وعْرا
وقال البحتري:
فلم أر ضِرغامَين أصدق منكما ... عِراكا إذا الهَّيابه النَّكْس كَذَّبا
هزبر مشى يبغي هزبرا وأغلبُ ... من القوم يَغشَى باسل الوجه أغلبا
وقال بشر:
وقلتُ له وقد أبدى نِصالا ... محددةٍ ووجها مكفهراً
يُدِلُّ بمِخلَب وبحدّ ناب ... وباللحظاتِ تحسَبهن جَمرا
وقال البحتري:
غداة لقيتَ الليثَ والليثُ مُخدْر ... يحدد ناباً للقاءِ ومِخْلباً
ومما توارد عليه أبو الطيب وأبو عبادة البحتري وصف السيف: قال أبو الطيب:
كِفرِندي فِرندُ سيفي الجُزارِ ... لذةُ العين عدَّةُ للبزارِ
تحسِي الماء خَطَّ في لهب النا ... ر أدقَّ الخطوطَ في الأحْراز
كلما رُمتَ لونه منع النا ... ظر موجُ كأنه منك هازِي
ودقيقُ قِدىَ الهباء أنيقُ ... مُتوال في مستو هَزْهازِ
وردَ الماءَ فالجوانبُ قَدْراً ... شربتْ والتي تليها جَوازي
حَمَلَتْه حمائلُ الدهر حتى ... هي محتاجة إلى خرّاز
وهو لا تلحقُ الدماءُ غِرارَيْ ... هـ ولا عرِضَ مُنتضيه المخازي
يا مُزِيلَ الظلام عني ورَوْضي ... يوم شُرْبي ومَعْقِلي في البَرَاز
واليماني الذي لو اسْطَعْتُ كانت ... مقلتي غمدَه من الإعزاز
لإنّ برقي إذا بَرَقْتَ فَعالي ... وصليلي إذا صَللَتَ ارتجازي
لمَ أحملِكَ مُعْلَماً هكذا إلام ... لِضَرْب الرقاب والأجواز
ولِقطعي بك الحديدَ عليها ... فكلانا لجنسه اليوم غازِي
سَلّه الركض بَعَد وهْنٍ بنجد ... فتصدى للغيث أهلُ الحجاز
وتمنيتُ مثلهَ فكأني ... طالبُ لابن صالح من يُوازي
ومن قصيدته الأسدية:
وكأن برقا في متون غمامة ... هِندَّية في كفه مسلُولا
ومحلُّ قائمه يسيل مواهباً ... لو كُنَّ سيلا ما وجدنَ مَسيلا
رقت مضاربه فهن كأنما ... يُبدين من عِشق الرقاب نُحولا
ومن قصيدته النَّوروُزيَّة:
قَلَّدتني يمينُه بحسام ... أعْقَبَتْ منه واحداً أجدادهُ
كلما استُلَّ ضاحكته إياهُ ... تزعمُ الشمسُ أنها أرْآدُه
مثَّلوه في جَفنه خشيةَ الفق ... د ففي مثل أثْره إغمادهُ
مُنْعُلُ لا من الحفا ذهبا يحْ ... ملُ بحراً فِرندُه إزْهاده
يَقسِمُ الفارسَ المدججَ لا ... نسلم من شَفْرتيه إلا بِدادُه
جمعَ الدهر حدَّه ويديه ... وثنائي فاستجمعتْ آحاده
وتقلدتُ شامةً في نَدَاه ... جلدُها مُنْفِساتهُ وعَتادُه
قال البحترّي من قصيدة أولها: أهلا بذلكمُ الخيالِ المُقبل
قد جُدْتَ بالطِرف الجواد فَثنهِ ... لأخيك من أُدَدٍ أبيك بمُنصُل
يتناول الروحَ البعيدَ مناله ... عفواً ويفتح في القضاء المقفل
بإنارة في كل حَتْف مظلم ... وهداية في كل أرض مَجْهل
ماضِ وإن لم تمضه يدُ فارس ... بطلٍ ومصقولُ وإن لم يصْقل
يَغْشَى الوَغَى فالتُّرس ليس بجنَّةٍ ... من حده والدّروعُ ليس بمعقل
مصغ إلى حكم الردَى فإذا مضى ... لم يلتفت وإذا قضى لم يعدلَ
متوقُد يَفْرى بأول ضربة ... ما أدركت ولو أنها في يَذْبل
وإذا أصاب فكل شيء مَقْتَلُ ... وإذا أصيب فماله مِن مَقتلْ
وكأنما سودُ النمال وحمْرُها ... دَبت بأيد في قَراه وأرجل
وكأن شاهره إذا استعصى به ... في الرَّوع يَعْصَى بالسماك الأعْزل
حَمَلتْ حَمائَله القديمةَ بَقْلةُ ... مذ عهد عاد غَضَّةُ لم تَذْبل
ومن تعسفات أبي الطيب قوله:
شديدُ البعد من شرب الشَّمول ... تُرُنْجُ الهند أو طَلْعُ النخيل
والمعروف عند العرب الأترج، والترنج مما يغلط فيه العامة.
قال الصاحب: لا أدري الاستهلال حسن؟ أم المعنى أبدع؟ أم قوله: ترنج أفصح؟ وكقوله:
بيضاءُ يَمنعها تَكَلَّم دَلُّها ... تِيهاً، ويمنعها الحياءُ تَميساَ
فنصب تميس مع حذف أن، وهو ضعيف عند أكثر النحويين وكقوله:
وتكرمت رُكَبانها عن مَبْرَكٍ ... تقعان فيه وليس مِسكا أذ فرا
فجمع الركيات، ثم انتقل إلى الثنية، فقال تقعان، وهو ضعيف، وغير سديد في صناعة الإعراب.
وكقوله:
ليس إلاكَ يا علي همامُ ... سيفه دون عِرضه مَسْلولْ
وقوله: