ثم الثلاثي يعني المجرد عن الزيادة: ما كان ماضيه على ثلاثة أحرفٍ أصول. إذَا عرفنا أن المجرد ثلاثي ورباعي، ما حقيقة الثلاثي؟
ما كان ماضيه على ثلاثة أحرف لأنه منسوب إلى ثلاثة - وإن كان هذا شاذ وسيأتي - نقول: منسوبٌ إلى ثلاثة، لماذا؟ لكونه تألف من ثلاثة أحرف، فضَرَبَ ثلاثي، لماذا ثلاثي؟ لكونه تألف من ثلاثة أحرف، وهذه الأحرف الثلاثة كلها أصول، يعني ليس فيها حرفٌ زائدٌ البتة، إذًا الثلاثي ما كان ماضيه على ثلاثة أحرفٍ أصولٍ، ما - أي فعلٌ أصليٌ لأن الكلام في الأصلي وهو المجرد عن الزيادة -كان ماضيه - لأنه هو الأصل في الاشتقاق من حيث الأوزان - على ثلاثة أحرفٍ أصول، نحو نَصَرَ وعَلِمَ وكَرُمَ، واضح هذا؟ قال الناظم رحمه الله تعالى وبعد أن عرفنا هذه المقدمة والتقسيمات
فِعْلٌ ثُلاَثِيٌّ إِذَا يُجَرَّدُ ... أَبْوَابُهُ سِتٌّ كَمَا سَتُسْرَدُ
(فِعْلٌ) هذا مبتدأ، سوغ الابتداء به كونه موصوفًا بقوله: (ثُلاَثِيٌّ)، الفعل الثلاثي عرفنا أنه يكون ماضيًا فحينئذٍ باستقراء كلام العرب لا يخرج أبنية الثلاثي المجرد عن ثلاثة أوزان باستقراء كلام العرب لا يخرج أبنية الفعل المجرد الثلاثي عن ثلاثة أوزان إما فَعَلَ، وإما فَعِلَ، وإما فَعُلَ.
فالفاء مفتوحة في الأوزان الثلاثة فَعَلَ فَعِلَ فَعُلَ لا كسر ولا ضم، والعلة هي السماع الحجة في السماع، أما العين فهي محل الاختلاف يعني النظر في الأوزان عند الصرفيين بالأصالة في عين الفعل - أو الوزن إن شئت قلت -. فحينئذٍ لا فرق بين هذه الأوزان الثلاثة إلا في حركات العين فَعَلَ فَعِلَ فَعُلَ الفرق ما هو؟ العين في الأول مفتوحة، وفي الثاني مكسورة، وفي الثالث مضمومة، وأما اللام فهو حرف بناء، وأما الفاء فهو لازمٌ للفتح، ولا يوجد فعلٌ مبدوءً بالضم يعني فَاء إلا ما كان فرعًا وهو ما كان مغير الصيغة فُعِل ضُرِب، وأما الأصل الذي هو المبني للمعلوم وهو العبر بالتأصيل والتقعيد، فإذا قال الصرفيون: لا يوجد فعلٌ مبدوءٌ بالضم يعني ضم الفاء حينئذٍ لا يرد عليهم ضُرب وعُلم لماذا؟ لأن العبرة بالأصل وهو المبني للمعلوم، وضُرب ونحوه هذا فرعٌ لا أصل، والتقعيد والتأصيل إنما يكون بالأصول لا بالفروع.
إذًا الفعل الماضي المجرد له ثلاثة أوزان فَعَلَ فَعِلَ فَعُلَ الحجة السماع، أما الفعل الماضي الثلاثي باعتبار المضارع فله: ستة أبواب؛ لأن فَعَلَ له ثلاثة، يعني ثلاثة أبنية من المضارع، وفَعِلَ له بابان، وفَعُلَ له بابٌ واحد، هي التي سينظمها الناظم، لكن النظم فيه شيءٌ من الصعوبة، نريد سردها أولاً.
فَعَلَ، قلنا: الضابط عند الصرفيين هو النظر إلى حركة العين، بالسماع عُلِمَ أن فَعَلَ له ثلاثة أبواب، إما فَعَلَ يفَعَلُ، فَعَلَ يفَعِلُ، فَعَلَ يفَعُلُ، يعني: جاءت عين بالحركات الثلاثة، وإن كانوا يقدمون أولاً الكسر ثم الضم ثم الفتح، فَعَلَ يفَعِلُ ضرَب يَضْرِبُ، فَعَلَ يفَعُلُ نَصَرَ يَنْصُرُ، فَعَلَ يفَعَلُ بفتح العين فَتَحَ يَفْتَحُ هذا كم باب؟ ثلاثة أبواب.